تتجه اللجان الاقتصادية بمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» التي تحضر لاجتماع منظمة الأوبك الاعتيادي نهاية الأسبوع القادم إلى التوصية برفع سقف إنتاج المنظمة إلى حوالي 27.5 مليون برميل يوميا لمواجهة الطلب المتنامي على النفط الخام وتهدئة الأسعار التي طفقت في الازدياد إلى مستويات يرى معظم المراقبين أنها تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي وتضر بالتنمية وتفاقم من مشاكل الشعوب النامية والفقيرة. وإذا ما تم إقرار هذه الزيادة فإن الأوبك ولأول مرة منذ ثلاث سنوات ترفع سقف إنتاجها الذي تم تحديده في ديسمبر 2008م عند 24.84 مليون برميل يوميا حيث قررت خفض إنتاجها بمقدار 4.2 ملايين برميل لدعم الأسعار في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي عصفت بكثير من الاقتصاديات العالمية. وأفضى التزام الأوبك بحصص الإنتاج آنذاك بنسبة تقدر بأكثر من 80% إلى امتصاص الفائض النفطي بالأسواق وارتفاع أسعار البترول الخام من مستوى 32 دولارا للبرميل إلى أكثر من 70 دولارا للبرميل في أقل من ثلاثة أشهر، ما بعث الارتياح لدى المنتجين الذين يرون بأن بقاء الأسعار في معدلات ما بين 70 و80 دولارا للبرميل يعد مريحا ومحققا للفائدة للمنتجين والمستهلكين ومحفزا للاستثمارات الصناعية والبترولية. وشجع ارتفاع أسعار النفط الخام خلال العام الماضي إلى معدلات تخطت 125 دولارا للبرميل لخام برنت كثيرا من أعضاء المنظمة لتجاوز حصص الإنتاج وضخ أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا ليصل إنتاج المنظمة الحقيقي إلى ما يقارب من 29 مليون برميل يوميا خلال نهاية العام الماضي، بيد أن تراجع إنتاج النفط الليبي بسبب الحرب في مطلع العام الحالي ساهم في تناقص إجمالي إنتاج المنظمة ما دفع بعض أعضاء المنظمة وعلى وجه الخصوص السعودية إلى اللجوء إلى الطاقة الإنتاجية الفائضة لتعويض الفاقد وحفظ التوازن ما بين العرض والطلب وتهدئة الأسعار التي تذبذبت بقوة ما أربك تنفيذ المشاريع الصناعية وقهقر من تقدم انتعاش الاقتصاد العالمي. ويستبعد المراقبون أن يواجه قرار زيادة الإنتاج المرتقب معارضة شديدة نظرا لتراجع نفوذ تيار ما يسمى بالصقور في أروقة الأوبك بعد تهاوي النظام الليبي وأفول النفوذ الإيراني وخفوت الصوت الفنزولي وهي الدول التي عادة ما تثير الجدل في اجتماعات المنظمة، مع أن أعضاء الأوبك أظهروا في الآونة والأخيرة تماسكا قويا وتفاهما نحو المصالح المشتركة ألغى الخلافات الجانبية التي كانت تغذيها بعض المواقف السياسية وانحصرت المناقشات على المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء ومستقبل استثمارات ثرواتها النفطية. وفي شأن ذي صلة ارتفعت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية أمس الجمعة حيث صعد خام برنت القياسي في مستهل التعاملات في الأسواق الأوروبية إلى ما فوق 115 دولار للبرميل، فيما صعد خام ناميكس القياسي في الأسواق الأمريكية إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، وسط توقعات اقتصادية بأن النفط يتجه نحو الارتفاع إلى مشارف 130 دولار للبرميل في ظل مؤشرات عن تنامي انتعاش الاقتصاد العالمي ما يغذي ازدياد الطلب على النفط الخام وكذلك هبوط سعر صرف الدولار أمام العملات العالمية واستمرار التوترات في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وارتفعت أسعار المعادن النفيسة بقيادة الذهب الذي ارتفع إلى 1527 دولار للأوقية وسط التعاملات الآسيوية متأثرا بهبوط سعر صرف الدولار.