ان الإجابة على سؤال ماذا قدم بن لادن ؟ ونعني ما قدمه للأمة العربية والإسلامية بل وما قدم للعالم أجمع، بحكم اننا جميعا أبناء آدم ونعيش في كوكب واحد، أقول ان طرح هذاالتساؤل ومحاولة مناقشته بموضوعية وشفافية بعيدا عن العواطف والانتماءات، يُعد أكثر أهمية من أسئلة أخرى تطفو على السطح هذه الأيام، وتبرزها وسائل الإعلام العالمية والعربية، ويتناقلها الناس، فتجدها جزءا من أحاديثهم في المجالس والأسواق، ومن تلك الأسئلة هل أسامة بن لادن قُتل؟ وكيف قُتل؟ ومتى قُتل؟، ولأن هذا أمر لا يُقدم ولا يؤخر كثيرا فلن نغوص في تكهناته وتجاذباته وأخباره التي تستجد لحظة بعد أخرى، وسنبقى حول مسار بن لادن وتاريخه الذي من خلال تتبعه يظهر جليا انه لم يقدم ما يسر، حيث انه جنح صوب طرق مظلمة عنوانها القتل والعنف والتكفير، وتلك طرق هدم وتخلف لا بناء وتقدم، فقتل الأبرياء لا يقره دين ولا يقبله عقل، ولا ريب ان فكرا يقوم على أساس قتل الإنسان أيا كان دينه ومعتقده، هو في الحقيقة فكر منحرف وزائغ عن جادة الصواب، والعجيب والمؤسف معا ان هذا الفكر اتخذ الإسلام شعارا له، فحمل الإسلام وأهله وزره ووزر أتباعه، حيث أصبحت القاعدة تتبنى الكثير من العمليات الإرهابية بزعامة بن لادن، ورغم أنها تدعي انها تناضل من أجل الإسلام وعزته، فان ضحاياها من المسلمين أكثر من غيرهم، ما يعني ان تنظيم القاعدة اتخذ نهج القتل والدمار منذ بداية عهده المشئوم. وأصبح هذا التنظيم وبخطط زعاماته يعبر القارات والمحيطات لا لهدف سوى القتل، واستقطاب ما يمكن استقطابه من الشباب، وما يمكن إقناعه من مختلف الأعمار، فبذلك أصبح يُشكل خطرا حقيقيا على أجيال المسلمين التي يُنتظر منها البناء وقيادة المجتمع والأمة لحضارة ونهضة تُحقق المجد والقوة والفخر للإسلام وأهله، ولا شك ان هذا الفكر الضال جلب للإسلام تهما وويلات، جعلت المسلم في غير وطنه محط ريبة وخوف، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على من يعتنق هذا الدين الحنيف، إذ أضحت تحركات المسلم ونشاطاته تحت المراقبة، فمواطن العبادة والمراكز الإسلامية نالها من التضييق والتحجيم الشيء الكثير، بل وأصبح كل ما يمت للإسلام من قريب أو من بعيد محاربا ومنبوذا، كل هذا بسبب مثل هذه التنظيمات وما تُنفذه من عمليات إرهابية وما تدعو إليه من باطل ما انزل الله به من سلطان. ومن المعلوم ان الله جل في علاه استخلف بني آدم لعبادته وحده لا شريك له و عمارة الكون، ولا يمكن تحقيق مقاصد البناء واستغلال خيرات الأرض من زراعة وصناعة في ظل فكر منحرف جعل أسلوبه وتصرفاته وأفعاله تعكس صورة بشعة عن كل مؤمن بهذا النهج، وإذا وُجد عامل الهدم فانه لا محالة سيكون عدوا لدودا لنقيضه البناء، وهنا شأن يحير اللبيب، إذ كيف بمن يقرأ قوله تعالي: « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» يعمل بما ينافي هذه الآية الكريمة، فيقتل الأبرياء ويدمر المقدرات والممتلكات، أي منطق وأي عقل يرى في ذلك نصرة قوم أو عزتهم، وأعظم برهان على زيغ هذا الطريق تحرك سالكيه في الزوايا المظلمة، ونبذهم من قبل المجتمع، فالحق دائما ظاهر وأتباعه لا يخشون لومة لائم، وهو دائما سبيل الغالبية حيث ان الأمة لا تجتمع على باطل.