الوفاء للكبار من أسمى وأنبل الخصال التي يستحق المرء عليها الإشادة والثناء والمحبة. ولعل من أبرز علمائنا وروادنا الذين بحثوا وكتبوا ودونوا تاريخ الجزيرة العربية وجغرافيتها الشيخ الأديب والشاعر الكبير عبد الله بن خميس (رحمه الله). ويستعرض هذا المؤلف -وهو في الأصل رسالة الماجستير- الذي قامت بتأليفه الأستاذة هيا بنت عبد الرحمن السمهري عن هذا العلم، ونوقشت الرسالة في عام 1425ه. وقد أوردت فيه الكثير عن المعلومات الشخصية للمترجم له بالإضافة إلى الإفادات الشفهية مع تتبع الأوراق والوثائق الشخصية التي لم تر النور. إلا تلك الإضمامات التي نقلتها الباحثة من مكتبته الخاصة.. قدمت الباحثة إهداءها إلى هذا العلم بالقول : إلى الشيخ عبد الله بن محمد بن خميس كلمة وفاء تعلمتها من تاريخ مشرق بثراء العربية وشموخها ثم أتبعتها الباحثة بقصيدة تدل على إجادتها وعنايتها وإلمامها بإنشاد الشعر بالقول : بسطت دراستنا مسيرة مبدع أجرى القريض بفكره أنهارا. وهذه لمسة وفاء ليست مستغربة على الباحثة الكريمة حيث تدل على خلق وأدب جميل وفقها الله للخير. قدمت الباحثة في بداية بحثها مدخلاً للتعريف بالمترجم له عن حياته وصفاته وأخلاقه وعصره وريادته الاجتماعية والأدبية وعن مصادر ثقافة الشيخ مع الحديث عن تمكن المترجم له من الإلمام بتاريخ الجزيرة العربية وجغرافيتها والتي تعود إلى عمل الشيخ في تحصيل الزكاة الشرعية في كثير من البلاد النجدية والجزيرة العربية إبان عمله فيها في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله، فهذا من أهم أسباب براعته في وصف الأماكن (ص48). وأشارت الباحثة إلى بعض الشخصيات التي كان يرافقها الشيخ في جبايته للزكاة مثل إبراهيم السالم وعبدالعزيز الشقري وعبدالله بن سرحان وعبدالعزيز بن مبارك وسعود السياري نقلاً من مذكرات الشيخ الخاصة. (ص49). والقارئ لهذه الدراسة الجادة يشعر بالإلمام الغزير والتتبع الكبير لتراث هذا العلم. واطلاعها على مذكراته الشخصية للمترجم له وذكرت أنها بعنوان : شؤون وشجون من واقع حياتي. دونها المترجم له في عام 1413ه (كما أشارت الباحثة ص 559).وقد تتبعت الباحثة مؤلفات الشيخ وأشارت إلى مؤلف له لم يطبع حتى اليوم بعنوان : لمحات من تاريخ الملك عبد العزيز عام 1419ه.وأشارت إلى أنه مؤلف أدبي تاريخي موثق يقع في ستمائة وثمان وعشرين صفحة.ونقلت بعض مقدمته بقول الشيخ : ولما جاءت مناسبة الاحتفال المئوي التي تقام عن مآثر الملك عبد العزيز أفردت له كتاباً ضمنته أخبار هذا المؤسس وأحواله وآثاره وتحدثت عن جهاده ومكانته.....الخ (ص73) ثم شرعت الباحثة في دراستها ضمن الفصل الأول الحديث عن فن المقالة عند الشيخ عبد الله بن خميس وأنواع المقالة المطروقة ومضامينها ودراستها الفنية (ص81). وتطرقت الباحثة إلى مضامين المقالة التاريخية لدى الشيخ وعنيت بذلك التي تتناول أحداث التاريخ بالعرض أو تعرض لشخصية تاريخية بالوصف وهى تتطرق لقضايا إقليمية ودولية كقضية فلسطين بلغة الأدب وأسلوب الناثر. وأحصت الباحثة المقالات التي كتبها حول الكتب التاريخية والتي ألفت في تاريخ الدولة السعودية وحكامها وساقت عليها عدة أمثلة (169). ثم مقالات حول تاريخ بعض المعالم في المملكة العربية السعودية مع بعض الأمثلة لها (ص170).. ثم أشارت إلى المقالات التي تدور حول شخصيات تاريخية مشهورة، وضربت لذلك الأمثلة (ص171). ثم تحدثت الباحثة في الفصل الثالث عن أدب الرحلات عند المترجم له وتعريفه هذا الأدب وأهميته وموضوعاته وخصائصه الفنية (ص267). والفصل الثالث عن الفنون النثرية الاخرى وخصائصها الفنية : القصة وفن السيرة وفن الرسالة مع الحديث عن الدراسات الأدبية الموجزة وخصائصها الفنية (ص419). ثم بخاتمة مفيدة ومنها حث دارة الملك عبد العزيز للإفادة مما كتبه الشيخ عبد الله عن حياة المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى. مزوداً ببعض الرسائل والوثائق والمراسلات التي استعانت بها في إخراج هذا العمل النافع والماتع لعلم من رواد بلادنا العزيزة متعه الله بالصحة والعافية. والكتاب من مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية عام 1427ه، وجاء في (617صفحة).