قصة شركة الباحة في سوق الاسهم تثبت فعلاً مقولة «ان الشركات تخطئ والمساهمون يعاقبون»!! تأخر شركة الباحة في الاعلان عن نتائجها استدعى ايقاف تداول سهمها ما سبب خسائر فادحة و«تعليقات» مؤلمة للمساهمين دون غيرهم. هذه الحالة تعتبر ايضاً مثالاً صارخاً لمدى سلبية المساهمين وهم جهة حاكمة ومهمة في كل ما يتعلق بالشركات المساهمة. المساهمون يمارسون التأخر عن اجتماعات الجمعيات العمومية العادية والغير عادية حتى اصبحت عبارة «تأجيل الاجتماع لعدم اكتمال النصاب» اشهر من قصص اجاثا كريستي، ويبدعون في ابراء ذمة اعضاء مجلس الادارة في نهاية كل سنة سواء كانت البراءة موجودة ام!! معدومة، كما يعترفون جهاراً نهاراً بقلة يد الحيلة امام سطوة مجلس الادارة والادارة التنفيذية، ثم يختمون هذا كله بمجرد التحسر والاحتياجات الخجولة. نلاحظ ان موضوع الباحة يضع الاصبع على جرح غائر يتعلق بصعوبات ضخمة تعترض تطبيق مفاهيم واجراءات «الحاكمية الادارية» او «حوكمة الشركات» (corporate Governance).. الحاكمية الادارية هي مجموعة النظم والاجراءات والآليات التي تصمم وتطبق من اجل «حكم» المؤسسات والشركات عموماً والشركات المساهمة على وجه الخصوص. الشركة المساهمة على سبيل المثال «تحكم» من قبل ثلاثة اطراف: الجمعية العمومية (مجموع المساهمين) ومجلس الادارة والادارة العمومية.. وتولي الحاكمية الادارية كل طرف على حدة ثم الاطراف كلها مجتمعة ما يستحقه من تنظيمات واجراءات وتعليمات حتى تمارس «حاكميتها» كما يجب. بعبارة أخرى يأتي مفهوم الحاكمية الادارية كنقلة نوعية في مفهوم التحكم والسيطرة على الشركات بعيداً عن الفردية والمزاجية والعشوائية واللامبالاة. ولكن مشكلة مثل هذه الاجراءات انها اذا لم تطبق كما يجب من كافة الاطراف ذات العلاقة فهي تكون كالأسفار التي لا تقرأ!!. هناك العديد من الحالات التي تؤكد اخفاق جمعية المساهمين العمومية في ممارسة دورها واحتلال الموقع الذي يناسب قوتها وسلطتها ولكن لا حياة لمن تنادي. بخلاف مشكلة شركة الباحة نجد في بعض الشركات ان المدير العام مثلاً يستمر لعدة سنوات (يعمر) بوضعية تخالف الحاجة الى دماء جديدة وافكار جديدة ولكن الجمعية العمومية لا تستطيع ولن تستطيع فعل ما يكدر الادارة التنفيذية التي يبدو انها اقوى الاطراف التي تتحكم في الشركات المساهمة. في شركات أخرى، تثار قضايا حساسة سواء مالية او تشغيلية في اجتماعات الجمعية العمومية ولكن الامر لا يخرج عن كونه «حديث ليل يمحوه النهار».. فالمساهم او مجموعة المساهمين الذين اثاروا هذه القضايا لا يجدون الدعم من بقية المساهمين ويتم تقبل تبريرات مجلس الادارة او الادارة التنفيذية بسرعة البرق و«هز الرؤوس» وذلك غالباً بسبب ضعف في خلفية المساهمين الثقافية وتواضع قدرتهم على الدخول في التفاصيل الدقيقة وربما ايضاً لنقص شديد في المعلومات الاكيدة مع ضمور الحماس المطلوب للمتابعة. لماذا ينتظر المساهمون الفأس حتى تهوي ثم نسمع الصراخ والانات ونرى رسائل الشكاوى وبرقيات الالتماسات!! لا ندري، ولكن الذي ندري عنه ان هناك حاجة حقيقية لتثقيف المساهمين واعلامهم بدورهم وثقلهم في ممارسة الحاكمية الادارية. ويجب ان تلعب الشركات المساهمة نفسها بالإضافة الى هيئة سوق المال الدور الاكبر في عملية التوعية والتثقيف وجذب المساهمين للانخراط الحقيقي في شؤون شركاتهم وعدم قصر دورهم على مراقبة الشاشات و«التمغط» في صالات التداول!!. ٭ اكاديمي