دعا خبير في تخطيط الاستراتيجي والمشاريع إلى إعادة النظر في أسلوب تنفيذ المشاريع الحكومية. وقال الدكتور سليمان العريني :» عند استعرض الوضع الراهن لمراحل إعداد الميزانية وتنفيذ المشاريع في المملكة نلحظ غياب رؤية وخطة شاملة تعمل عليها جميع القطاعات الحكومية. وزاد:» القطاعات الحكومية تعمل بشكل منفرد ومنعزل « جزر منعزلة « في كل قطاع مثل التعليم والصحة والبنية التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وتصريف سيول مع غياب العمل بشكل مؤسساتي وغياب استخدام مؤشرات أداء علمية (KPIs) لمتابعة ومراقبة المشاريع، وعدم وجود شفافية ومعلومات دقيقة ووقتية عن وضع وأداء المشاريع، وضعف في الرقابة والمحاسبة، مع تضخم النفقات وتكرار الإنفاق الحكومي على المشاريع وانخفاض العائد على الاستثمار في المشاريع بشكل عام. جاء ذلك خلال ورقة قدمها في مؤتمر إدارة المشاريع الثالث والمنعقد مؤخرا في الرياض استعرض فيها تجارب ثماني دول في مجال التخطيط الاستراتيجي في قطاعات التعليم والتمويل والتخصيص والصناعة والبنية التحتية والإدارة ومقارنتها بأسلوب المملكة في تنفيذ المشاريع على مدى العقود السابقة. وشدد الدكتور العريني في ورقته على ضرورة وضع رؤية وخطة إستراتيجية شاملة لجميع القطاعات التعليمية والصحية والخدمات والمرافق والبنية التحتية، بحيث يتم وضع برامج تنطلق منها مشروعات مع تحديد برنامج زمني دقيق ومؤشرات أداء تساعد في الإشراف ومتابعة المشاريع، حيث بُدىء في تجربة فنلندا في تطوير التعليم والتي تعتبر نموذجا ناجحاً على المستوى العالمي، فبعد تنفيذ مشروع تطوير التعليم في فنلندا، أصبح الطالب في المرحلة الابتدائية يملك المهارات الأساسية في العلوم والرياضيات واللغات بحد أدنى ثلاث لغات – قراءة وكتابة وتحدثاً، لتصبح فنلندا من أفضل عشر دول في العالم في التعليم وتنمية الموارد البشرية. كما تم أيضاً عرض لتجربة بريطانيا في التخصيص في الثمانينات وبقيادة مباشرة من رئيسة مجلس الوزراء مارغرت تاتشر حيث تم تخصيص عدد من الخدمات والنشاطات الحكومية من أهمها الطيران وسكك الحديد نتج عنها تخفيض في النفقات الحكومية وزيادة في الايرادات الحكومية مع رفع مستوى وجودة الخدمات. واستهل الدكتور العريني ورقته بعرض تجربة سنغافورة وكيف نجحت في نقل الدولة من بلد فقير في الستينات إلى أغنى دولة خلال فقط عقدين من الزمن. وأضاف : « ركزت سنغافورة على إنشاء مدن اقتصادية بلغت حتى عام 2010 (34) مدينة يعمل بها أكثر من (8) آلاف شركة عالمية، لتصدر أيضاً تجربتها إلى أكثر من (40) دولة وأكثر من (145) مدينة في العالم، تجربة تثبت نجاح سنغافورة في جلب الاستثمارات الأجنبية. واستعرض تجربة نيجيريا في إدارة عائدات النفط، والتي تعتبر ثامن أكبر مصدر للبترول والغاز في العالم، إلا أن العائد من تصدير البترول والغاز لم يتم استثماره في تنمية وتطوير نيجيريا نتيجة لسوء الإدارة وانتشار الفساد والفقر. وعرض الدكتور العريني تجارب الهند وسويسرا والنرويج الناجحة في مجال تنمية وتطوير المراد البشرية ، وقال ان تجربة النرويج فيما يتعلق بتنويع مصادر البترول، نجحت في تقليل الاعتماد على النفط وبالتالي ضمان استقرر تمويل المشاريع والخدمات الحكومية من خلال استثمار العائد من مبيعات النفط في صناديق استثمارية في اصول منتجة حول العالم وبشفافية وحوكمة ومساءلة دقيقة ومتكاملة على أن يتم تمويل الميزانية من عائدات الاستثمار. وأوصى الدكتور العريني بضرورة إنشاء هيئة عليا للمشاريع تعنى بتطوير رؤية وخطة إستراتيجية شاملة وتكون مرجعية في ترجمة الخطة لبرامج ومشاريع ووضع مؤشرات أداء والإشراف على تنفيذها، وتقليل الاعتماد على عائدات النفط في تمويل الميزانية – الاستثمار للأجيال القادمة، وحوكمة المشاريع من خلال فرض شفافية ومساءلة لكافة المشاريع، ونقل التجارب العالمية مع التركيز على تلافي الأخطاء واتخاذ القرارات الصعبة، وقيام الإعلام التقليدي بدوره الأساسي والوطني في النقد والتقييم والمتابعة.