يبدو أن من أشار على الحكم فهد المرداسي بالاعتذار لرئيس لجنة الحكام عمر المهنا يحبه ويخشى عليه أكثر ممن أشار عليه بمهاجمته بتلك الطريقة السمجة والمفضوحة التي وصفتها في مقالة سابقة ب"المشهد الدرامي"، والتي كادت تودي به إلى عالم المجهول تحكيمياً؛ خصوصاً بعدما ظن ومن وراءه أن التحكيم السعودي سيصاب في مقتل بمجرد تلويحة منه بالاعتزال، وما علم ومن معه حينها أن الأمر لا يعدو مجرد رحيل حكم لا زال يرسم خطواته الأولى في سلك التحكيم. عودة المرداسي إلى صوابه بحضوره إلى مقر اللجنة بكامل أبهته مرتدياً "الجينز"، ومتوجهاً مباشرة صوب المهنا لطبع قبلة اعتذار على رأسه، قبل أن يأخذ مكانه في ذلك الكرسي الجانبي الوثير القابع على يمين المكتب الخاص لرئيس لجنة الحكام استعداداً لالتقاط الصورة التي تحدثت أكثر من خبر الاعتذار الذي تم توزيعه من اللجنة نفسها كل ذلك له دلالات كبيرة يشي بها التراجع عن قرار الاعتزال، وتفضحها طريقة صياغة خبر الاعتذار والصورة المرفقة معه، وقبل ذلك كله "بوسة" الرأس، إذ إن ذلك يثبت بأن القرار من "فوق"!. وبعيداً عن النبش في ما ورائيات الاعتذار فإن المهنا تحديداً يخطئ مرتين إن تجاوز معاقبة المرداسي لمجرد قبول الاعتذار، فالأولى لكون الإساءات التي وجهها المرداسي وإن كانت موجهة للمهنا بالاسم إلا أنها -في الحقيقة- كانت موجهة لصفته الاعتبارية، أي باعتباره رئيساً للجنة الحكام، وبالتالي فإن قبول المهنا لاعتذار المرداسي ومسامحته له عن إساءاته له كشخص، لا يخوله للتجاوز عنه في إساءاته لصفته الاعتبارية؛ أما الثانية فلأن غض الطرف عن معاقبة المرداسي سيفتح الباب أمام حكام آخرين للتجاوز أيضاً؛ لأنهم بذلك سيرون في رئاسة اللجنة جداراً قصيراً يمكن القفز عليه، ولن يكون للجنة الحق في معاقبتهم؛ إذ إنها ستثبت إن فعلت ذلك بأنها تكيل بمكيالين، وستضع نفسها في خانة "اليك" إذ سيعتقد الجميع بأن المرداسي له حظوة خاصة، بينما بقية الحكام أبناء "البطة السوداء". أنا هنا لا أدعو المهنا للانتقام، ولكنني أدعوه ألا يكون متساهلاً حد الضعف، لأن ما فعله المرداسي لم يكن مجرد "فشة خلق" من حكم طائش، أو شاب متهور، وإنما كان مشروعاً كبيراً هدفه إسقاطه من رئاسة اللجنة، ويبدو لي جلياً انه لولا ثقة المسؤول الأول فيه، وأعني الأمير نواف بن فيصل تحديداً وحسن قراءته للأمر لوجد المهنا نفسه خارج اللجنة إن لم يكن عاجلاً فآجلاً، لأن خروج المرداسي وبتلك الطريقة يعني أن القرار المتخذ كان حاسماً وعلى طريقة يا "تطخه أو تطشر مخه"!. وإذ أطالب المهنا بمعاقبة المرداسي، فإنني أدعو الأمير نواف بن فيصل بمعاونته على ذلك باعتباره رئيساً للاتحاد، فكما انتفض اتحاد الكرة ضد نادي التعاون بعد التطاول بالإساءات على الدكتور صالح بن ناصر، مرة ببيان صحفي، وأخرى بعقوبة غرامة على النادي لاستخدام موقعه الالكتروني في تلك التجاوزات، فلا أقل من حماية المهنا وتجديد الثقة فيه، حتى وإن كانت تلك العقوبة بلفت النظر من باب "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم"!.