نواجه كأطباء كل عام وفي موسم ما بعد قبول الطلبة وبدء الدراسة في الكليات العسكرية بمختلف أنواعها كماً كبيراً من الطلبة الذين يأتون إلينا بمختلف أنواع الشكوى في أجزاء الجسم والهيكل العظمي بعد بدئهم للتمارين العسكرية .غالباً ما يزورنا هؤلاء الطلبة في عطلة نهاية الإسبوع وخصوصاً يوم الخميس عندما يخرجون من الكليات. وفي كثير من هؤلاء الطلبة تكون الإصابات والشكوى التي يعانون منها حقيقية وواقعية وتنتج عن شدة التمارين العسكرية والتمارين الرياضية التي يتلقونها في الكليات العسكرية وكذلك نتيجة عدم وجود هيكل عظمي قوي لدى الكثير منهم وكذلك نقص في اللياقة البدنية لدى الكثير منهم مما يجعلهم عرضة لمختلف أنواع الآلام والإصابات بعد تلقيهم تلك التدريبات المكثفة. وفيما يلي سوف نحاول إلقاء الضوء على أهم هذه الإصابات ونوعيتها وكيفية حدوثها والأسباب الكامنة وراءها ونحاول وصف الطرق التي يمكن للطالب ان يتبعها لتفادي مثل هذه الإصابات ولعلاجها إن وجدت. وسوف نبدأ من الأسفل ثم نصعد إلى الأعلى في أنحاء الجسم مستعرضين الإصابات المختلفة. كثرة الوقوف والتمارين جزء مهم في الخدمة العسكرية آلام الكعب والكاحل والتهاب العقب مما لا شك فيه أن ارتداء الحذاء العسكري والمعروف بالبصطار لفترات طويلة والركض لمسافات طويلة والوقوف لفترات طويلة وكذلك أخذ الخطوات العسكرية والتي تتطلب ضرب الأرض بقوة كل ذلك يؤدي إلى حدوث التهابات في الأربطة والأوتار التي تبطن القدم وكذلك إلى حدوث إجهاد على مفصل الكاحل والمفصل تحت الثالوثي. هذه الالتهابات تزداد شدتها خصوصاً إذا كان الطالب من أصحاب الأوزان الزائدة أو إذا كان يعاني من تفلطح القدم. والذي يمكن عمله لتفادي هذه الآلام هو استخدام فرشة طبية لينة مصنوعة من مادة السلكون يمكن وضعها داخل الحذاء تقوم بامتصاص الصدمات الناتجة عن المشي والركض وتخفيف الجهد الذي ينتقل إلى الكاحل والقدم. بالإضافة إلى ذلك يمكن للطالب استخدام بعض الأربطة الطبية التي تباع في الصيدليات والتي يمكنه لبسها حول الكاحل بغرض توفير ثبات ودعم لمفصل الكاحل. وفي حال استمرت هذه الآلام أو كانت شديدة فإنه يمكنه تناول بعض الأدوية المسكنة والأدوية المضادة لالتهابات العضلات والأربطة والمفاصل لبضعة أيام في محاولة لإزالة الالتهاب من المنطقة. يتعرضون لآلام الركب كسور الإجهاد في عظمة الساق وهذه الكسور شائعة في الطلبة العسكريين وهي تحدث نتيجة الإجهاد المتكرر خلال الركض والضغط الذي ينتج عن ذلك في عظمة الساق وقد يكون الكسر في الجزء الأعلى من عظمة الساق في منطقة ما تحت الركبة أو قد يكون في الجزء السفلي من عظمة الساق في منطقة مافوق الكاحل. وهذه الكسور عادةً ماتبدأ كشعر بسيط يسبب آلاماً مبرحة للطالب تزداد حدتها وشدتها مع مرور الوقت وتصبح مزعجة حتى أثناء المشي. وتستمر هذه الآلام بالرغم من أخذ قسط من الراحة بالرغم من تناول الأدوية المسكنة. ويلزم تشخيص هذه الحالات فحصاً سريرياً دقيقاً عن طريق الضغط على جميع أجزاء عظمة الساق حيث تكون المنطقة المصابة بالكسر الإجهادي مؤلمة جداً. ثم يلي ذلك القيام بطلب أشعات سينية وهي التي قد تبين وجود الكسر البسيط والمزمن في الجانب الداخلي من عظمة الساق. وفي بعض الحالات يكون فيها الكسر بسيطاً فإنه لا يظهر بوضوح في الأشعة السينية بل قد يتطلب التشخيص عمل أشعة مقطعية أو أشعة نووية أو أشعة رنين مغناطيسي. وبعد أن يتم التشخيص يبدأ العلاج عن طريق أخذ قسط كاف من الراحة وإجازة مرضية لبضعة أيام أو بضعة أسابيع كما يمكن وضع الساق في جبيرة طبية وأخذ الأدوية المسكنة واستخدام العكاكيز الطبية. وفي معظم الحالات يلتئم الكسر خلال أسابيع ويمكن للطالب العودة إلى ممارسة الأنشطة الدراسية. أما في بعض الحالات فقد يستمر الطالب بالضغط على نفسه ويحاول إثبات وجوده ولايهتم بالآلام مما قد يسبب في بعض الأحيان أن يتزحزح الكسر ويصبح كسراً شديداً وفي هذه الحالة فإن التدخل الجراحي يكون ضرورياً لإعادة العظام إلى وضعها الطبيعي وتثبيتها باستخدام شرائح ومسامير طبية. والواقع أن الوقاية خير من العلاج في هذه الحالات وذلك بالحرص على الغذاء الصحي المتكامل الذي يقوي الهيكل العظمي منذ الطفولة وذلك عن طريق تناول الحليب ومشتقاته أما في الأشخاص الذين لا يستطيعون تناول الحليب بسبب أمراض الجهاز الهضمي فإنهم يمكنهم تناول الكالسيوم وفيتامين د عن طريق الفم الذي يأتي على شكل حبوب بعبوات وتركيزات مختلفة. ولذلك فأنا أنصح أي طالب يتمنى أو ينوي الدخول إلى الكليات العسكرية من أن يحرص على تناول الحليب ومشتقاته أو على تناول الكالسيوم قبل الدخول إلى الكلية العسكرية بوقت كاف حتى يكون هيكله العظمي في أفضل شكل عندما يبدأ التمرينات العسكرية. البصطار حذاء جديد عليهم قد يعانون منه آلام وإصابات الركبتين وهذه أيضاً من الشكاوي الشائعة لدى هؤلاء الطلبة في بداية تمريناتهم حيث يأتي الكثيرمنهم وهو يشتكي من آلام شديدة في الركبتين أو إحداهما مع تورم وإنتفاخ وعدم القدرة على المشي وعدم القدرة على صعود الدرج وعدم القدرة على الصلاة على الأرض. وهذه آلام تنتج عن الإجهاد الذي يتعرضون لهم خلال التدريبات العسكرية ولأن عضلات الفخذين تكون غير مُهيئة لهذه التمرينات. أما بالنسبة للإصابات فهي تختلف من تمزق بسيط في الأربطة المحيطة بالركبة إلى تهتك في الغضروف الهلالي أو إجهاد وإلتهاب في المفصل. وعادة مايتطلب التشخيص الفحص السريري والأشعة السينية أوأشعة الرنين المغناطيسي. وبالنسبة للعلاج فهو يعتمد على التشخيص ولكن في الغالبية العظمى من هؤلاء الطلبة فإن الحالة تستجيب لأخذ قسط من الراحة لبضعة أيام واستخدام الأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المرخية للعضلات والأدوية المسكنة للآلام. وبعد ذلك يمكن للطالب العودة إلى التمرينات بشكل تدريجي مع الحرص على استخدام رباط طبي ساند لمفصل الركبة وكذلك يجب عمل تمرينات تقوية لعضلات الفخذ. وللوقاية من مشاكل مفصل الركبة فإنه يجب على الطالب الذي يرغب في إلتحاق بالكليات العسكرية المحافظة على وزنه المثالي والحرص على استخدام الأحذية الطبية وممارسة الرياضة والتمرينات التي تقوي عضلات الفخذ والركبة. من الأهمية بمكان العناية بتناول الخضار والفواكه