الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين لبناء 500 ألف وحدة سكنية هو حديث الناس بمختلف فئاتهم خاصة ممن لا يملكون منازل ولا يستطيعون امتلاكها بسبب أوضاعهم المادية التي لا تتحمل تكاليف تملك منزل، الأحاديث خالطتها مخاوفها وقلق عن مصير هذه الوحدات والزمن الذي سيستغرقه تنفيذ الأمر ومن هي الفئات التي سيكون لها نصيب؟ لاسيما أن الجهة المعنية لم تعلن بعد عن أي معلومة حول هذا الأمر، البعض يرى أن الوحدات السكنية الجديدة ليس أمراً اقتصادياً بحتاً بل تتعادل كفة الاقتصادي والاجتماعي والإنساني فيه. تقول مستخدمة في مدرسة أهلية أم محمد الفهادي: أنها تنتظر على أحر من الجمر أن ترى شروط من يحصل على المنح المساكن، فهي ترى كونها سيدة سعودية ولا تستطيع شراء منزل لوضعها المادي الذي لا يغطي تكاليف السكن؛ أن من حقها أن تحصل على وحدة سكنية تعفيها عناء الإيجار الذي يثقل كاهلها ويبتلع أكثر من نصف دخلها وقالت (لا أعرف هل نذهب كمواطنين لطلب الوحدات أم سيكون للوزارة آلية أخرى، ولكن نتمنى أن نكون ممن يشملهم الوحدات). وتقول أم خالد المبارك مطلقة من منطقة مكةالمكرمة وهي تسكن في منزل مستأجر ب 12 ألف ريال ولديها ثلاثة أبناء واحدة منهن تعمل براتب 200 ريال في الشهر مما جعل حياتهم صعبة مادياً وقالت:"الإيجار منذ سنوات يدفعه أقاربنا وأهل الخير وقد انتقلنا من أكثر من مسكن بسبب عدم قدرتنا على دفع الإيجار، وقدمت على أكثر من جهة للحصول على منزل فرغم أن أهل الخير يدفعون الإيجار إلا أنه يشكل لنا هاجساً مرعباً فقد يمتنع أهل الخير لأي سبب عن دفع الإيجار في سنة من السنوات ونحن لا نستطيع إطلاقا إيفاءه إلا إذا امتنعنا عن الأكل والشرب ودفع الكهرباء". تنتظر الأسر الفقيرة على أحر من الجمر أن تحصل على نصيب من قرار الملك ببناء نصف مليون وحدة سكنية. ولا يختلف الوضع بالنسبة لام زيد التي ترى أن امتلاك منزل يعتبر من الأحلام التي لا تحلم بها من الأصل رغم أن اثنتين من بناتها يعملن في القطاع الخاص ساعات طويلة ورواتب زهيدة حتى أنهن لم يفرحن بما فرح به موظفي الدولة وبعض موظفي القطاع الخاص براتب الشهرين التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لموظفي الدولة. وتقول أم محمد الحمدان:"لقد قدمت أوراقي التي تثبت حاجتي على أكثر من جهة رغبة في المساعدة على شراء منزل ولم اقتصر على جهات بل سالت بعض أهل الخير إلا أني لم أوفق بمن يساعدني حتى صدر الأمر الملكي الكريم حول الوحدات السكنية واستبشرنا خيرا ونتمنى أن لا يتحول هذا الاستبشار لخيبة أمل من قبل بعض المسؤولين". الجمعيات الخيرية من جهتها طالبت نائبة رئيسة جمعية النهضة النسائية الخيرية فوزية الراشد أن تكون جمعية النهضة شريك في وضع آلية هذا المشروع الإنساني، لما لديها من خبرة في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، وتعمل في التنمية المستدامة منذ بداياتها؛ فلها الحق أن تستفيد أسرها من هذه المنح. وقالت " نحن شريك في إرساء التنمية الاجتماعية وتثقل كاهلنا إيجارات المنازل حتى أنها تقف عائق أمام خططنا التنموية، فلدينا التزام نحو ما يقارب 366 أسرة ندفع لها إيجارات سنوياً ففي عام 2010م دفعنا2,490 مليون ريال، وإيجارات لعدد 213 أسرة وفي عام 2011م دفعنا 1.9 مليون ريال لعدد 153 أسرة . وفي عام 2010م تم شراء تسعة مساكن، وفي عام 2011م تم شراء ثمان منازل إلى جانب ترميم المنازل التي تكون ملك للأسرة وهناك أسر تملك الأرض ولا تستطيع البناء". البعد عن الطبقية ومضت الراشد تقول:"من وجهة نظرنا وحسب تجربتنا لا نؤيد تركيز فئة معينة من الناس في حي واحد أو مجمع سكني واحد، فقد يسمى هذا الحي أو المجمع باسم الفئة الساكنة وهي ليست تسمية رسمية وإنما تتداول بين الناس ويتعارف عليها، إن هذه الآلية تزيد الطبقية في المجتمع وتساهم على تكريس العادات السيئة ونقل الأفكار المنحرفة، ثم نجد أنفسنا كمجتمع وقعنا في مشكلة أكبر من مشكلة الإسكان وهي مشكلة الانحرافات التي تنتشر بين أفراد الحي الواحد في حالة تماثلهم في وضع اجتماعي متدني، نحن نرغب أن يرى أبناء الأسر المحتاجه نماذج مختلفة تدفعهم للامام وتحفزهم للعمل، ولن يكون هذا إلا إذا أخذنا الوضع الاجتماعي والإنساني في الحسبان عند توزيع الوحدات". وعرجت في حديثها إلى مشكلة توفر الأراضي الحكومية للمشروع التي سوف تنعكس سلبياً على أسعار الأراضي والمزايدات التي قد تدخلنا في دوامة الفوضى مما سيضطر المسؤولون إلى إيجاد أراضي بعيدة نائية وهذه تورطنا في مشكلة أكبر تتمثل في إقصاء تلك الأسر في منفى بعيد عن الخدمات بحيث لا توجد مواصلات مناسبة ولا مدارس ولا جامعات ولا مستشفيات. وقالت الراشد " نحن كجمعية لدينا دراية بالمشكلة التي نعيشها يومياً وقلوبنا مثقلة بهذا الهم، على سبيل المثال أن يتم الاستفادة من المباني الجاهزة في مختلف الأحياء وعدم الانتظار لشراء أراضي ثم بنائها، لكي لا تنتظر تلك الأسر طول العمر تحلم بمأوى يفرج كربتها". واضافت فوزية الراشد: خاطبنا وزارة الشؤون الاجتماعية كون الضمان الاجتماعي تحت إدارتها، إلا أن تشتت العلاقات العامة وعدم الاهتمام احال دون مشاركة الضمان الاجتماعي النسائي. الوحدات السكنية من جهته يؤكد المتخصص في الاستثمار العقاري سلمان بن سعيدان عدم وجود وحدات سكنية جاهزة للبيع تغطي احتياج وزارة الإسكان لبيعها أو توزيعها على المواطنين؛ داعياً الوزارة إلى عدم الدخول في متاهات تطوير الأراضي أو بناء المساكن، وان تترك ذلك للعقاريين والمطورين أصحاب الخبرة الأكبر في هذا المجال، مشيرا إلى أن دور الوزارة يجب أن يقتصر على لم شمل الجهات المعنية المناط بها توفير الخدمات والبنى التحتية تحت مظلة واحدة، وان تقوم بشراء الأراضي وتسليمها للمطورين الذين يستطيعون التطوير والبناء اعتمادا على خبراتهم التراكمية التي اكتسبوها، لافتا إلى أن المطورين قادرون على تخفيض التكلفة إلى اكبر حد ممكن. وأوضح أن ما يقال ويتردد حول عدم وجود أراضٍ للبناء داخل المدن أو خارجها كلمة حق أريد بها باطل مؤكدا أن المختصين على معرفة كاملة بهذا الأمر، لافتا إلى وجود أراضي كثيرة قابلة للتعمير والسكن متى ما تعاضدت الجهات المختلفة مثل الأراضي التي تقع بين الرياض والخرج، وبين الرياض وسدير وغيرها من الأراضي، لاسيما أن هناك تقديرات غير دقيقة تشير إلى أن المملكة تحتاج كوحدات سكنية خلال خمس سنوات ما يفوق المليون وحدة، لذا يجب أخذ التدابير المناسبة حفاظاً على الوقت.