تحظى حاليا المعالجة لمرض الصرع بأهمية خاصة وبصورة أكثر وضوحا عما كان عليه في الماضي كجزء هام وضروري للمرضى الذين يعانون من أمراض الصرع المستعصية. الفضل يعود لله سبحانه ثم للتقنيات المعاصرة، فقد أصبحت المعرفة المستفيضة في طرق التطبيق للفسيولوجية العصبية (فسيولوجيا الجملة العصبية) (علم وظائف الأعصاب) والاستقصاءات المتعلقة بها، وجراحة الصرع عن طريق التصدير الإشعاعي، أكثر أمنا وسلامة بل وأكثر فعالية عاما بعد عام، ووفرت إمكانية العلاج الشامل والكامل على النقيض من العلاج بأدوية الصرع التقليدية. الجدير بالذكر انه مازال هنالك عدد متواضع من المعلومات والاستقصاءات والمنشورات الطبية الخاصة بجراحة الصرع في المملكة العربية السعودية لذلك صممت دراسة لتقوم بعرض العمل والنشاط في المركز الرئيسي لجراحة الصرع في المملكة العربية السعودية والمتمثل في مركز الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ولتوضيح البيانات الرئيسية وخيارات المعالجة المتاحة للمرضى ذوي الحالات المستعصية في المملكة العربية السعودية مع تقييم الطرق المتبعة والنتائج المستخلصة مقارنة مع التقارير العالمية. إضافة إلى ان الغرض من الدراسة هو تقديم الدليل على الطلب الواضح لجراحة الصرع في المملكة العربية السعودية وتحسين الإلمام والإدراك حيال المعالجة الجراحية لأمراض الصرع المستعصية. الدراسة عبارة عن تحليل استعادي (استعادة الأحداث الماضية) للمرضى ذوي الصرع العنيد المستعصي والذين سبق أن أجريت لهم عمليات جراحية للصرع في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض خلال العشر سنوات. حيث تم تحليل وتقييم النتائج المستخلصة من العمليات الجراحية التي تم إجراؤها في الفترة المذكورة. لقد تم إجراء عمليات جراحية صرعية لأكثر من 700 مريض من ذوي الصرع المستعصي. تراوحت فترة بداية ظهور مرض الصرع عند هؤلاء المرضى المذكورين من عدة أسابيع إلى 30 سنة. تعرض 48% من هؤلاء المرضى في تاريخهم الطبي والمرضي السابق لواحد أو أكثر من عوامل المخاطرة للإصابة بمرض الصرع (تعرض 27% منهم لرضوض وكدمات في الرأس نتيجة حوادث، 14% منهم تعرضوا لحالات تشنج واهتزاز مصحوبة بحمى (ارتفاع في درجة الحرارة)، تعرض 5% منهم للالتهابات وإصابات في الجهاز العصبي المركزي........الخ 10% من العدد الكلي للمرضى عندهم تاريخ مرضي سابق لحالة من حالات الصرع المركزي. 37% من العدد الكلي للمرضى حدثت لهم أكثر من عدد (7) نوبات صرع كل شهر. 95% من العدد الكلي للمرضى المصابين بحالة من حالات الصرع الجزئية المعقدة من نوبات ارتجاجية توترية رمعية عامة تم ملاحظتها أثناء حدوثها في المنزل. يتعاطى 91% من المرضى علاجين أو أكثر من أدوية علاج الصرع المختلفة. فحوصات جميع المرضى قبل العملية اشتملت على دراسة التخطيط الكهربائي للدماغ، وأشعة الرنين المغناطيسي والتقييم السيكولوجي النفسي، وأشعة اسقصاء طبي نووي، وتخطيط كهربائي دماغي متواصل عن طريق التصوير المستمر الحي. وكذالك اجري فحص الذاكرة ومراكز اللغة لأكثر من 52% من المرضى. أكثر النتائج المرضية التي يتم الحصول عليها وأكثرها شيوعا في المرضى الذين يعانون من نوبات الصرع الجزئية المستعصية والعصبية وهي ما يعرف بتصلب حصان البحر في الدماغ”قرن-امون” بنسبة (57%) يلي ذلك الأعطال والاعتلالات الشاغلة للفراغات (الأورام وغيرها) بنسبة 19% ثم من بعد ذلك تأتي الاعتلالات العصبية المهاجرة (المرتحلة) بنسبة 17%. تماثلت النتائج التي تم الحصول عليها من الدراسة تلك الموجودة في النشرات والمطبوعات الطبية المنشورة في الكتب والمجلات الطبية العالمية. أظهرت النتائج نسبة 33% من المجموع الكلي للمرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية وتم متابعتهم طبيا بعد العملية تحسن في الجانب السيكولوجي النفسي. كانت هذه النتيجة واضحة من الناحية الإحصائية. أظهرت نتائج المقارنة للتخطيط الدماغي الكهربائي قبل وبعد العملية تحسنا واضحا وملموسا من الناحية الإحصائية. وباستعمال مقياس معيار انغل في قياس محصلة ونتيجة حدوث نوبات الصرع وجدنا أن نسبة 87% من العدد الكلي للمرضى في المجموعة الناجحة جراحيا (معيار انغل 1، 2) و13% في المجموعة غير المقنعة جراحيا. أظهر تقييم منفصل محصلة المرضى الذين يعانون من مرض الصرع في الفص الصدغي من الدماغ ان نسبة 92% منهم في المجموعة الناجحة جراحيا (معيار انغل 1، 2) بينما كانت نسبة النجاح للمرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية خارج الفص الصدغي للدماغ 62.5% منهم في المجموعة الناجحة جراحيا (معيار انغل 1، 2) نتائجنا الخاصة بالمحصلة النهائية فيما يتعلق بالعمليات الجراحية لحالات الصرع تماثل وتطابق بصورة مرضية ومعقولة ماهو موجود في التقارير والنشرات العلمية الطبية على النطاق العالمي، أظهرت الدراسة إضافة لذلك ان كفاءة الدرجات التي تم تحقيقها وإحرازها في الحياة عامة والتحسن في الوظيفة الاجتماعية على المدى البعيد ذات نتائج واضحة وعميقة الفوائد بعد العمليات الجراحية التي تم إجراؤها لحالات الصرع المستعصية القاسية في طبيعتها. لذلك ننصح بالتحويل المبكر للمرضى الذين يعانون من نوبات الصرع الشديدة المستعصية إلى مراكز جراحة الصرع بغرض إجراء التقييم اللازم لمثل هذه الحالات وللنظر في إمكانية علاجها عن طريق العمليات الجراحية. كما ينبغي تسليط الضوء على الحاجة لمزيد من الدراسات والأبحاث فيما يتعلق بجراحة الصرع بالمملكة العربية السعودية.