عندما وصلني خبر فوز عالم بجائزة البوكر في الرواية العربية شعرت بالنصر الذي انتظرته عشر سنوات ، ففي ظل فقدان المبدعين الثقة في الجوائز العربية فإن جائزة البوكر بدأت تتخذ مسار الجوائز العالمية وإن كانت تعرضت أيضا في دوراتها السابقة للهجوم خاصة مع فوز رواية "ترمي بشرر" لعبده خال العام الماضي ، ولاحظت أن معظم الانتقادات حاولت لجنة التحكيم تفاديها هذا العام حيث انصبت الانتقادات في استبعاد المغاربة من المراحل السابقة وإهمال المرأة العربية رغم تميز نتاجها السردي ، وتحقق ذلك في عام واحد وكانت المفاجأة أن الجائزة الأولى بالمناصفة بين روائية سعودية وروائي مغربي ، فهل وضعت لجنة التحكيم هذا الاعتبار أساسا في التحكيم أم أن ذلك حدث مصادفة؟؟ مهما كان فإن مايعنيني أن الروائية رجاء عالم تستحق الفوز ولي مع كتاباتها السردية رحلات علمية غصت فيها بين المتعة والغموض ، لن أنسى رواياتها التي جعلتني أبحر في عالم من الشفرات وحل رموزها ..رجاء عالم تخترق الأزمنة من خلال بيئتها المقدسة ' وتحرص على شحذ ذاكرتها بالأدب القديم والتاريخ العريق وتمثيله رغما عن المتلقي في واقعها المعاصر، قرأت جميع روايات عالم ولكن لم يحالفني الحظ أن أقرأ روايتها طوق الحمام ولكني على يقين أنها لاتقل جمالا عن أخواتها ، فعنوانها يوحي أنها تنتهج الطريق نفسه وتستحضر أمامنا ماضينا الجميل (طوق الحمامة)لابن حزم الأندلسي ، رجاء أثبتت بفوزها أن الرواية السعودية النسوية تستحق البحث والدراسة ، فهنيئا لجميع الباحثين في السرد السعودي هذا الفوز ،وهنيئا للمرأة السعودية أيضا هذا الفوز الذي ظل ماتكتبه زمنا طويلا في دائرة التهميش ' فقبل عشر سنوات تقريبا عملت خطة محكمة أخذت مني وقتا ليس بالهين في البحث في السرد النسائي السعودي وكان يشرف على البحث د.جودت كساب ووافق عليه مجلس القسم ' ولكن فوجئت برفض مجلس الكلية لموضوع البحث بحجة أن روايات المرأة السعودية لاترتقي للبحث العلمي ، وكانت صدمة كبيرة لي ولمرشدي رحمه الله، وأصبت بإحباط انتشلني منه مشرفي د.صالح بدوي حفظه الله عندما تولى الإشراف على بحثي البنية السردية في الرواية السعودية وكان لعالم نصيب منه. *أكاديمية وقاصة.