أتمنى أن تكون بلدي أفضل البلاد، وأن يكون أبناؤهها سفراء للحضارة الإنسانية وأن نقدم نموذجا للتحضر يعبر عن ديننا وثقافتنا التي صنعت الحضارة الانسانية المعاصرة. أتمنى أن تكون بلدي مركز إشعاع ونور وتعليم يتمتع فيها كل الناس بالرخاء والعيش الكريم. أتمنى أن تكون بلدي مقصداً للعالم وأن يكون مواطنوها صناعاً للمعرفة، يسود فيها التنافس الشريف ويتساوى فيها كل الناس في الفرص. أتمنى أن يكون الغد أفضل من اليوم وأن ننهض جميعا يداً واحدة لبناء هذا الوطن العظيم. أرض بلادنا صنعت الحضارة الانسانية قبل أربعة عشر قرنا، خرج ابناؤها الأوائل إلى كل بلاد الدنيا وشيدوا حضارة كانت سببا في ما بلغ إليه الانسان من تقدم ورقي في وقتنا الحاضر، شكلوا بإيمانهم وبسواعدهم مفصلاً حضارياً "تغييرياً" و"إصلاحياً" أيقظ العالم من سباته العميق ودفع بالإنسانية إلى مجالات جديدة. بلادي التي تصنعتها الصحراء وأطرها المدن المقدسة قادرة على إعادة ذلك النموذج الحضاري الذي صنعته أول مرة، أتمنى أن يعي شبابنا هذا وأن يعملوا بما يفرضه عليهم تاريخهم، فهم ينتمون إلى أرض عظيمة أنجبت رجالاً أفذاذاً، ما زال العالم يدين لصنيعهم. بلادي، هي أم البلاد أصل العروبة ومنبعها ومرجعها ومركز توازنها، تستحق أن تكون في الصدراة، وتستحق أن يقوم أبناؤها بتأكيد هذه الصدارة التي بعثت من جديد بعد غياب طويل. ما نتمناه يا خادم الحرمين، أن تكلل جهودكم الإصلاحية بالنجاح، وأن تنعكس على رفاهية مواطنيكم الذين يتطلعون إليكم بكل حب وكلهم رجاء أن تصبح بلادنا في صدارة بلاد العالم. نحن نعيش هذه الأيام فرحة عودة الملك الرمز، ملك الانسانية، بعد رحلة علاجية كللها الله بالنجاح، فحمدا لله على سلامة الملك المحب. خادم الحرمين الشريفين، بكل هذه المودة التي تظهر على ملامح وجهه وكل هذا الحب الغامر لأبناء بلده الذي يعبر عنه ابتهاجه في كل لقاء يلتقي بمحبيه من أبناء وبنات هذا الوطن، يشعرنا بالثقة أننا على أعتاب إصلاح كبير ستعيشه هذه الأرض الطاهرة، وما رزمة القرارات التي صاحبت قدومه، حفظه الله، إلا بداية لحزم إصلاحية أخرى ستساهم بإذن الله في حفظ استقرار بلدنا وازدهارها. فنحن نعيش على مفترق طرق ويجب أن نثبت للجميع أننا نعي الظروف الإقليمية والعالمية الراهنة كما يجب أن نؤكد على أننا بلد متجدد فمواطنينا أغلبهم من الشباب، الذي له تطلعات وله رؤية جديدة. ومواكبة هذه المتغيرات من سمات الأمم الحية التي تعي قيمة التغيير وتتكيف معه. هذه البلاد تستحق مثل الملك عبدالله ملكا لها وهو يستحق منا الدعاء والتوفيق والولاء وتجديد العهد. ما نتمناه يا خادم الحرمين، أن تكلل جهودكم الاصلاحية بالنجاح وأن تنعكس على رفاهية مواطنيكم الذين يتطلعون إليكم بكل حب وكلهم رجاء أن تصبح بلادنا في صدارة بلاد العالم. بلادنا تحتاج إلى حكمتكم ونظرتكم الثاقبة، فلا نمو دون شفافية ودون محاصرة للفساد، ومبادرتكم حفظكم الله، بإنشاء هيئة مكافحة الفساد قبل سنوات، ماهي إلا دليل على حرصكم على هذه البلاد وأبنائها. خادم الحرمين، كلنا رجاء أن تبدأ هذه الهيئة بأعمالها، وممارسة الصلاحيات المخولة لها، بما يضمن استقلاليتها، فهي بداية إصلاحية مهمة تضمن لهذه البلاد استثمار طاقاتها التي حباها الله بها، فما تقوم به الدولة من رصد لميزانيات ضخمة لهي كافية بأن تساهم في رأب أي صدع نعاني منه الآن وهي كافية لازدهار البلاد وأهلها، لكن يبقى أن تذهب هذه الميزانيات إلى طريقها التي وضعت من أجله وهذا لن يتم إلا بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه بالفساد وخيانة المسؤولية. الإصلاح شاق وطريقه طويل، فنحن لاننكر ابدا أن يستوجب على بلادنا القيام بإصلاحات إدارية كثيرة تمكننا من أن نستثمر هذه الثروة العظيمة التي حبانا الله بها، فنحن نملك الانسان والمكان والمال بالاضافة للمكانة العالمية والتاريخ المشرف والعلاقة العميقة والأخوية مع ولاة الأمر في بلادنا، وما علينا إلا استثمار كل هذه المعطيات في بناء نظام إداري شفاف تحتاج له بلادنا هذه الايام بشدة، لأن أي بذل مالي لا يوازيه إدارة متوازنة ورقابة لا يمكن أن يثمر عن نتائج مهمة، وما إصابتنا بخيبة أمل في كثير من المشاريع التي بذلت فيها الدولة الغالي والنفيس إلا نتيجة بعض الاخطاء الادارية التي يمكن أن نتفاداها في المستقبل. دعوني أقول لكم: الإدارة ثم الإدارة ثم الإدارة، لأنه لا معنى لأي مال دون من يدير هذا المال فسرعان ما يتبدد وسرعان ما يشعر صاحبه بالندم، والدولة تبذل الكثير وتتطلع إلى النتائج ولكن يبقى هنا من يدير المال ومن يتوجب عليه القيام بواجباته نحو الوطن، وهذا يحتاج إلى رقابة قوية والملك حفظه الله يشعر بهذه المسؤولية العظيمة لذلك تم استحداث 1200 وظيفة رقابية جديدة ضمن رزمة الإصلاحات التي واكبت عودته سالما، إنه شعور عميق من خادم الحرمين بأهمية الرقابة وأهمية مكافحة الفساد، فهي الطريق الوحيد الذي امامنا. نريد أن نستثمر ثروتنا بأسلوب يضمن لأجيالنا القادمة البقاء على أرض هذه البلاد بعزة وكرامة. نريد أن نستثمر هذه الثروة من أجل بناء الثقة لدى الشباب، إن أمامهم مستقبل واعد، وإنه يجب عليهم بذل كل جهودهم التي ستقدرها بهم بلادهم وستكافؤهم عليها. الملك عبدالله، ملك الإصلاح، نشعر بكل رغبته حفظه الله من أجل إحداث تغيير يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها ويجعل كل أبنائها ينعمون بخيراتها، وهذا يتطلب أن يقوم المواطنون بواجباتهم كذلك، والمواطن هنا سواء كان مسؤولاً، عليه أن يراعي الله في مسؤوليته أم مواطناً عادياً يتطلع إلى أن يقوم المسؤولون بواجباتهم نحوه، الكل عليه واجبات وله حقوق ويجب على الجميع المساهمة في بناء هذا الوطن الذي يستحق الكثير. ما أود أن أذكره هنا هو أننا نملك وطناً عظيماً يجب أن نحافظ عليه، وهذا يفرض علينا أن نقدم النصح لكل من ولي مسؤولية فيه.