مجموعة انفعالات في عالم متغير، تلتقي فيه أسئلة مستجدة مع أخرى موروثة، لمواجهة انطباعات جديدة محتارة.. مجموعة راصدة تدافع عن مكتسباتها أو ما تحسبه كذلك، عبر ممرات تلتقي في خانة الدفاع لترسم بعد ذلك شغفا أراده الكاتب أن يكون بنكهة الحياة اليومية ومذاقها، لتمد إلى ذلك الإرث فكرا ينجذب معه الكاتب في لحظة تماس عقل حاضر، بظاهرة تبدو عابرة. كميل حوا في (سبب آخر) الصادر عن دار المحترف السعودي في ثمان وستين ومئة صفحة من القطع الكبير، لم يقف عند حدود مكتسبات ورثها، أو أخرى اكتسبها في شارع الحياة.. لكنه تجاوز ذلك إلى البحث بجدية عن قيمة أخرى للكتابة، وعن جوهر العمق الإبداعي.. يقينا منه بأنه لا اكتمال لشاعرية شعر، ولا بلاغة فكر، ولا فنية رسم، ولا فتنة إبداع..إلا في الصلة المختلفة بمجريات الحياة ومتغيراتها.. مؤملا عبر يقينه أن يخلق (سبب آخر) يفصح عن بعض ما يجول في خواطر الناس، ويتزاحم معهم أثناء مشاوير حياتهم اليومية ليكون أقرب صلة وأكثر تلازما مع إيقاعات الحياة في كل خطوة وأثناء المرور بدروب العابرين. لقد جاءت مقالات الإصدار جمعا لنافذة "حياتنا اليوم" التي انساق إلى كتابتها حوا لعدة سنوات، بوصفه أحد المارة في طرق الحياة اليومية.. فربما وجد كميل في تجاورها شيئا جديدا، حينما نشرت متفرقة، إضافة إلى ما ضمنه الكاتب لإصداره من رسوم جاءت لجمع حوا بين صوتي الحرف والريشة، إصرارا منه على التعبير عن خواطر الناس بأكثر من لغة يستطيع من خلالها أن يتجول مع الناس، ولكي يجول معهم في أفكارهم الحياتية، محلقا مع الناس بجناحي الحروف والرسوم.