لست من المعنيين بالشأن الرياضي مع أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع تهتم بذلك الجانب، وقد يرى البعضُ فيه تفوقاً ومجالاً من المجالات الواسعة للتميز والإبداع وربما أشاركهم الرأي في كون كرة القدم خصوصاً والرياضة عموماً وسيلة من وسائل المتعة والتسلية. قبل أيام خسر منتخبنا الأول مبارياته أمام سوريا والأردن وكانت كارثة أمام اليابان وبغض النظر عما حدث إلا أن الحقيقة تتمثل في أن الأداء السلبي طغى على أجواء مباريات المنتخب كما سمعتُه من أفواه المهتمين بهذا الأمر وجاء بعد ذلك تغير في رأس الهرم الرياضي، وما يقال في حق ومستوى منتخبنا يصحُ تعميمه على كثير من مجالات الحياة لدينا ولكن في مباريات كرة القدم الأمور واضحة مكشوفة والأخطاء تتضح في الهزائم الثقيلة والخروج المبكر فيستطيع الطفل الصغير غير المدرك أن ينبه على تميز أي الفريقين من خلال أدائه ويتعرف على من سيفوز مسبقاً بظهور نواحي التفوق لدى الفريق القوي وذلك من سرعته ومهارات أفراده وتواصل ضغوطه على الفريق المنافس ولا شك أن الأهداف في النهاية حكم فصل وشهادة بالبراعة لمن يسجل أكثر وبالسقوط والتخلف لمن تلج مرماه الأهداف. ليت المقارنة وتسليط الأضواء والاهتمام والمتابعة تنصب على الفريق الاقتصادي السعودي فمنذ ستة عشر عاماً ومع أن الظروف المالية أفضل بكثير من مراحل سابقة وتتحسن عاماً بعد آخر لكننا نجد الأزمات تتكاثر وتتزايد والسبب أسلوب وطريقة التفكير وكيفية التعامل مع الأوضاع، أعتقد أننا جميعاً ندرك أن الطبقة الوسطى وهي النجاح الأكيد لخطط التنمية والنهاية الحتمية للدراسات والأساليب الاقتصادية السليمة تلاشت أو كادت. في مباريات منتخبنا كان الأداء الباهت والضعيف والسلبي والأخطاء نتيجة لضعف المدرب وفشل خططه وعدم توظيفه للعناصر الجيدة، وعجز اللاعبين فنياً وبدنياً، وهذا أمر كان مكشوفاً لا يستطيع أحد من اللاعبين الذين مثلوا المنتخب أن ينكره أو يتهرب منه؛ حارس يلج مرماه هدف من كرة مرفوعة ودفاعً يتلاعب به أقل المهاجمين قدرات ومهارات ولاعبو وسط غائبون عن دورهم المنوط بهم ومهاجمون يتفرجون وكأنهم من أفراد دفاع الفريق المنافس. حينما يحاول الفريق الاقتصادي ترويج فكرة تميزه ويحاول أن يرسم صورة وردية لواقعنا الاقتصادي فأعتقد أن الطبقة الوسطى ترد هذه الدعوى والبطالة وتفشيها بأرقام مروعة تنقض هذا الزعم وتحويلات العمالة للخارج، وأيضاً من الكوارث خروج الأموال وهروبها بعد انهيار سوق الأسهم وعدم توطينها وتوظيفها بما يخدم البلاد، حقائق لا تدفع, أزمة في الإسكان كان ينبغي تطويقها ومحاصرتها قبل فترة من الزمن بإقرار نظام الرهن العقاري لضمان وجود عرض من المساكن يفوق الطلب كما هو حال الدول حينما تبني مخزوناتها الغذائية حتى لا تتعرض لأزمات، هل يغيب عن أقلنا عقلاً وإدراكاً أن اقتصادنا حين نصفه فلن نصفه بأنه اقتصاد معرفي أو صناعي، وإنما يصح في حقه أنه اقتصاد ريعي ينفق من رأس ماله باعتبار أن النفط سلعة ناضبة وحتى قبل النضوب فإن التضخم في أسعار الواردات والنمو السكاني الهائل لدينا سيلتهم إيرادات هذه السلعة وتنامي أسعارها مستقبلاً، فاقتصادنا ما زال رهينة النفط وأسعاره وتقلباته, خطط التنمية تتوقف عند تراجع أسعار النفط ويُنفذَّ جزء منها فقط عند صعودها, اقتصاد تغيب فيه البيانات ويتباهى القائمون عليه بسحب سيولة المواطنين وتقديمها لقمة سائغة لأصحاب شركات انتهت صلاحيتها وتراجعت أرباحها لظهور منافسين لها بدعوى الحيلولة ومنع صعود سوق الأسهم, لقد صعدت كافة أسواق العالم وهي التي خرجت منها الأزمة وصدرتها للعالم وكأنها لم تحدث, بينما نحن في كل يوم سقوط قد يقول القائمون عليه إنه ليس ثمة رابط بين الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي، كم خسر المواطنون في سوق الأسهم وكم هي قيمة الديون التي تثقل كواهلهم، وما هي الآثار السلبية نفسياً وفكرياً على المواطنين من جراء هذا السقوط والذي ما كان ليحدث لو كان هناك من يتعامل مع الظروف ويقدر العواقب أعتقد أن الفريق الاقتصادي لو كان تنظيره وقراراته وتطبيقاتها وآثارها وعواقبها تترجم لواقع يتمثل في الأهداف ودخولها المرامي لكانت خسارته اليوم تفوق خسارة منتخبنا الكروي بعشرات المرات وكان حاله وأداؤه أمراً لا يصدق وواقعاً لا يقبل في بلد تملك كل عوامل النهوض والتفوق ويمكن في خلال عقدً من الزمن أن يكون مفصلاً من مفاصل الاقتصاد العالمي، فنظام الحكم والاستقرار السياسي وولاء الشعب له وتعلقه فيه، هي القاعدة التي يحتاجها أي نمو اقتصادي في العالم، وهي نعمة ولله الحمد نتميز بها كشعب وقد لا يشاركنا فيها أحد من دول العالم.