حضرت نورة مترقبة ومتوجسة إلى عيادة الكلى لمعرفة وظائف الكلى، وكان الدكتور قد أخبرها بضعف وظائف الكلى لديها في وقت سابق، كان وقت الحديث مع الدكتور عصيبا عليها حينما سمعت أن الكلى في مراحلها الأخيرة وأنها ستحتاج إلى تعويض لوظيفة الكلى. أخذ الدكتور في الحديث: هناك طريقتان لتعويض وظائف الكلى، إما الزراعة أو الغسيل، وأضاف نحن ننصحك بالزراعة لأن الزراعة تقوم بتعويض كامل لوظائف الكلى، بينما لا يعوض الغسيل أكثر من 15٪ من وظائف الكلى، الزراعة تقلل نسبة وفاة مرضى الفشل الكلوي من 14٪ سنويا حين يكونون على الغسيل إلى أقل من 2٪ سنويا، وذلك بحسب الإحصائيات الوطنية، وهذا فضلا عن تقليل الاعتلالات والأمراض المصاحبة للغسيل بجانب تحسن كبير في نوعية حياة المريض من حرية السفر والأكل والعمل والدراسة والحمل والإنجاب بالنسبة للسيدات». كان الحديث واضحا أن الزراعة هي الخيار الأفضل، ولكن نورة تساءلت: «ومن أين لي بمتبرع؟» أجاب الدكتور: «إن هناك مايقارب 12000 مريض بالفشل الكلوي في السعودية على الغسيل، وهذا هو نفس السؤال الذي يؤرقهم جميعا، ثم بدأ الدكتور بالتفصيل «المتبرعون صنفان، إما أحياء أو متوفون دماغيا، والزراعة من متبرع حي أفضل لأنها تدوم فترة أطول وتعطي المريض درجة أفضل لوظيفة الكلية، إذ إن متوسط عمر الكلية من المتوفى هو 8 سنوات ولكن يتجاوز متوسط عمر الكلية من الحي أكثر من ذلك بكثير». توقف الدكتور عن الحديث هنا هنية، فردت نورة عليه: «أنا لا أستطيع أن أعرض حياة أقاربي للخطر، يكفينا مريض واحد في العائلة»، فقال لها الدكتور موضحا: «إن المتبرع يفحص مليا حتى يتم التأكد من خلوه من أي أمراض في الكلى بل ومسببات أمراض الكلى وبالتالي يكون خطر إصابته في المستقبل بأمراض الكلى شبه معدوم، وهذا ماتدعمه الدراسات العلمية العديدة وأيضا مايصادق عليه تاريخ زراعة الكلى في السعودية والذي يتجاوز الثلاثين عاما، قالت نورة عندها وبصوت متقطع: «ماذا لولم يكن أحد من الأقارب ليتبرع؟ بل كيف لي أن أطلب منهم ذلك؟». انضم محمد زوج نورة وقال: «لا عليك يادكتور، أنا ممكن أن أفحص للتبرع وأطرح الموضوع على الأولاد وإخوة نورة». فقال الدكتور مكملاً حديثه: أما النوع الثاني من المتبرعين فهم المتوفون دماغيا أو قلبيا، وهم فرصة لإحياء النفس الإنسانية لمن لا يتوفر لهم متبرع، وأيضا لإحياء مرضى القلب والكبد بإذن الله، فالمرضى يتوفون سنويا في السعودية بأمراض الكبد والقلب والكلى، إلا أن الناس لازالت لا تسارع إلى هذه الصدقة الجارية مع وضوح الحكم الشرعي من العلماء والمجامع الفقهية، فالحاجز النفسي والاجتماعي يؤدي إلى رفض عائلة وأقارب المتوفي للتبرع بأعضائه. في عام 2006رفض 65٪ من الأهالي التبرع بأعضاء أقاربهم المتوفين، وهذا مايجعل عدد المتبرعين لايتجاوز 82 متبرعاً مع أن عدد الوفيات في السعودية من حوادث السيارات أو الموت الدماغي يتجاوز الآلاف، إن بعض الأعضاء خاصة القلب، البنكرياس والرئتين لايمكن زراعتهم من متوفى دماغيا. هنا توقف الدكتور منهياً حديثه: «لمَ لا تفكروا وتتدارسوا مع الأهل الموضوع ثم توافونا بقراركما بعد أسبوعين، هنا سأل محمد زوج نورة: «ماذا لو كانت فصيلة الدم مختلفة أوأنسجة المتبرع غير متوافقة مع نورة؟» فأجاب الدكتور: «إن هذا النوع من الزراعة ممكن إما بمعالجة خاصة قبل الزراعة وإزالة الأجسام الضدية لمنع رفض الكلية إلا أن هذا النوع من الزراعة أصعب من الزراعة من متبرع متوافق الأنسجة والفصيلة مع المريض، أما الخيار الآخر وهو الأفضل أن تتم الزراعة مع تبادل المتبرعين. ،فإذا كان هناك مريضان أحدهما فصيلة دمه B والمتبرع له فصيلته A والمريض الآخر فصيلة دمه A ومتبرعه فصيلته B، فإن الزراعة تتم بتبادل المتبرعين، وهو ما يسهل عملية الزراعة ويزيد من نسبة نجاحها ويجسد أسمى روح العطاء. فبدلا من أن يتبرع محمد إلى زوجته نورة وسلمى إلى أخيها فيصل، فيقوم محمد بالتبرع لفيصل وسلمى بالتبرع لنورة في نفس الوقت، وهذا مايسهل عملية الزراعة لنورة وفيصل ويزيد من نسبة نجاحهما ويجنبهما المعالجات الخاصة قبل الزراعة. وحدة زراعة الكلى !!Article.footers.caption!!