بمطالعة سريعة للصحف المحلية خلال الأسبوع الماضي، أحسست بنوع من التفاؤل بمستقبل مشرق لهذا الوطن ومواطنيه، حيث أشار خبراء دوليون ذوي مكانة رفيعة ومعرفة دقيقة ببواطن الأمور أنّ الاقتصاد السعودي يُعد الأسرع نمواً في العالم بعد الصين خلال العامين القادمين.. هذا التقرير وما أشار إليه أولئك الخبراء يؤكد أنّ الوطن العزيز يسير وفق الاتجاه الصحيح في تطوير البيئة الاستثمارية والاقتصادية المحلية، وهو ما تسعى إليه كافة قطاعات الدولة المعنية بهذا الأمر وعلى رأسها المجلس الاقتصادي الأعلى... وفي الوقت الذي يبهجنا مثل هذا التقرير يحزننا أيضاً ما أشار إليه عدد من أعضاء مجلس الشورى حول فوضى استئجار العقارات، وهو خلل حاول مجلس الشورى معالجته منذ أكثر من خمس سنوات لكنه لم يفلح في رسم إستراتيجية واضحة للقضاء على هذه الفوضى "المشكلة" على الرغم من عدم وجودها في معظم -إن لم يكن جميع- دول العالم، وهو أمر يشير إلى خلل يؤثر وسيؤثر في الاقتصاد الوطني، ولابد من معالجته.. كما يشير أعضاء المجلس أيضاً بقوة إلى أنّ الوضع الإسكاني المحلي "متأزم" وهي عبارة صارخة ومخيفة أيضاً، كما أنها تشير إلى حقيقة واقعة، فعلى الرغم من تكوين صندوق التنمية العقارية قبل ولادتي!! إلاّ أنه لم يفلح في معالجة الوضع على الرغم من مجهوداته المقدرة، كما أنّ مشاريع الإسكان السابقة والحالية ساهمت في المعالجة لكن جميع تلك الجهود لم تتمكن من المعالجة، وهو أمر يشير إلى خلل أيضاً مما حدا بعدد من أعضاء مجلس الشورى للمطالبة بحل هيئة الإسكان وإعادتها إلى وزارة الإسكان السابقة، مؤكدين أنّ الهيئة في وضعها الحالي تعمل دون إستراتيجية واضحة وهو أمر لابد من بحثه من قِبل لجنة متخصصة ذلك أنّ خططنا الطموحة وإستراتيجياتنا الوطنية يجب أن تكون قابلة للتطبيق الفاعل وقابلة أيضاً للبحث والمناقشة والتعديل والتطوير أو الإلغاء، فلا عيب في ذلك لأنّ المصلحة وطنية والهدف يتمثل في خدمة هذا الوطن العزيز ومواطنيه.. وما دمنا في مجال الحديث عن برامجنا الوطنية فإنّ خبراً نشرته الصحافة المحلية خلال هذا الأسبوع يشير إلى استنكار مجلس الشورى لوجود أكثر من مائة ألف وظيفة على سلم الوظائف العامة الصحية والتعليمية تُعد شاغرة منذ عام ولم يتم شغلها بمواطنين، وهو أمر في نظري وفي نظر أعضاء مجلس الشورى أيضاً يشير إلى خلل واضح، ذلك أنّ تلك الوظائف قد تم إقرارها في الميزانيات الخاصة في القطاعات المختلفة وتم رصد مبالغ مالية لها ولذا فمن غير المنطقي عدم توظيف السعوديين فيها نظراً لأنّ المنطق يؤكد أنّ إحداث تلك الوظائف وإقرارها في الميزانيات الخاصة بقطاعاتها يرتبط بالحاجة الماسة لها، كما أنّ الأرقام المخيفة للبطالة بالمملكة تُشير إلى وجود من يبحث عن وظيفة من تلك الوظائف التي تزيد عن المائة ألف، والتي لو تم شغلها أو جزء منها بالمواطنين السعوديين لساهم ذلك بشكل فاعل وقوي في خفض حجم البطالة إلى ما يزيد عن الربع!! كما يشير تقرير مجلس الشورى أيضاً إلى أنّ أكثر من 75 ألف وظيفة في القطاعات التعليمية العالية والقطاعات الصحية وبعض التخصصات الدقيقة مشغولة بغير السعوديين، وبنظرة سريعة على إجراءات القبول في الجامعات السعودية لتخريج كوادر بشرية لسد تلك الفراغات تصاب ب"الدوار"، ذلك أنك تُحس بأنّ صانعي القرار في بعض قطاعاتنا الحكومية والخاصة التي تقدم المخرج الوطني في واد، وصناع القرار في القطاعات الحكومية والخاصة التوظيفية يعيشون في واد آخر.. ومن هنا فإنني أطالب المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة الاقتصاد والتخطيط بجمع هذه الأودية لتصب في مصب واحد اسمه "المصلحة الوطنية"، ذلك أنّ الهدف لدى الجميع "دون أدنى شك" يتمثل في خدمة الوطن والمواطن وتحقيق المصلحة الوطنية، وهو ما تؤكده توجيهات وتوجهات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني يحفظهم الله جميعاً، ويحفظ هذا الوطن بمواطنيه ومحبيه.. فهل نبتهج في قادم الأيام بجهود وطنية تلم هذا الشتات خدمة لهذا الوطن العزيز.. هذا ما أتمناه، والرأي لكم