«فار مكسور»    نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    بالله نحسدك على ايش؟!    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كسبنا تحدي الدوحة عاصمة الثقافة العربية فحققنا النجاح.. ومونديال كأس العالم عام 2022 يعد انتصاراً عربياً
وزير الثقافة القطري ل «ثقافة اليوم»:
نشر في الرياض يوم 06 - 01 - 2011

متأملا عاما ثقافيا واحتفاليا مضى وهو يقف وراء حائط مكتبه البلوري، مطلا على «خليج الدوحة» المجابه لمستقبل مملوء بالتحدي ومحتضنا تاريخا بحريا عريقا، بما رُصع من لآلئ حملتها أكف الغواصين السمراء من هذا البحر القريب إلى كل بلاد العالم.. إنه الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، وزير الثقافة والفنون والتراث القطري وقبل ذلك الشخصية المهمومة بالفعل والمستقبل الثقافي ليس لدولة قطر أو الخليج العربي وحسب وإنما لشعوب الوطن العربي أجمع.
في هذا الحديث الثقافي نباغت الدكتور الكواري بأسئلتنا، ونتسلل إلى أفكاره وتجربته الثقافية، خصوصا بعد نجاح احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية (2010) وأيضا نتنزه مع الدكتور الكواري، ثقافيا، حول تلك المعالم الحضارية والفنية الرفيعة التي دشنت أخيرا في قطر، ليسجل هذا البلد ريادةً خليجية وهو يفتتح أول دار أوبرا في الخليج العربي إلى جانب كوكبة من البنى الثقافية التحتية التي سوف تكون بلاشك، رصيدا روحيا ليس للحاضر وإنما لأجيال ثقافة المستقبل. وحول تفاصيل من التجربة والإستراتيجية الثقافية القطرية وقضايا تمس أيضا، الذات الثقافية والهوية العربية والخليجية؛ جاء هذا الحوار في مكتب الدكتور الكواري:
الأسبوع الثقافي السعودي كان مميزًا ذا فعاليات خاصة والمشاركة كانت استثناءً
* بداية، لو تحدثني حول تجربة هذا العام الثقافي في الدوحة وأثرهُ في الحياة الثقافية في دولة قطر والمحيط المجاور؟
- عموما، هذا سؤالٌ كبير وربما أصعب شيء أن تجيب عنه في سطور معدودة أو في مقابلة سريعة؛ لأن هذا السؤال متشعب. والحقيقة إن القضية لم تكن سهلة.
تعرف أن وزارة الثقافة شُكلت قبل احتفالية الدوحة، بسنتين ولم تكلف بهذه الاحتفالية إلا قبل ستة أو سبعة أشهر من انطلاقها. وحقا كنا نشعر أننا تحت ضغطٍ كبير ومسؤولية جسيمة، وكنت قد بينت في كلمة حفل اختتام الدوحة عاصمة الثقافة العربية، بأن هنالك عدة أسباب تجعل مهمتنا صعبة جدا. أولا: أننا مكلفون بأن نمثل ونستضيف الثقافة العربية؛ والثقافة موضوعٌ حساسٌ ومهم لأنه أمرٌ يتعلق بالهوية ويتعلق بماضي الإنسان العربي وحاضره ومستقبله بصورة عامة. الأمر الآخر، هو أن قطر لديها رصيد من النجاحات في كل المجالات ولله الحمد؛ إن كان في المجال السياسي أو الرياضي أو الاقتصادي، فنحن كمثقفين يهمنا جدا، أن لا يكون نصيب الثقافة من النجاح أقل - بأي حال من الأحوال - من المجالات الأخرى. الأمر الثالث: وهو أن قيادتنا في قطر وبالذات صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وسمو ولي العهد؛ لا يقبلون بأقل من النجاح ولا يقبلون بشبه أو نصف نجاح؛ إذ دائما ما يصرون على أن يكون هنالك إبداعٌ دائمٌ وتميز. كل هذه الأسباب والعوامل وغيرها جعلتنا تحت ضغطٍ كبير وربما كان هذا الضغط من العوامل الإيجابية، حيث لا تدرك في حينها أنها عامل ايجابي ولكن مع الأيام تكتشف أن الضغط يساهم على عملية الإبداع.
ولقد بدأنا المسيرة بعد أن درسنا بدقة كل تجارب العواصم الأخرى سواء تلك التي سبقتنا كدمشق والقدس إلى جانب دراستنا لتجربة الجزائر واليمن، فعرفنا ما الذي تم وما الذي علينا أن نضيفه في هذه الاحتفالية.
* تحدثت قبل قليل عن النجاح.. والسؤال كيف يمكن أن يؤسس على هذا النجاح الثقافي في المستقبل أو المستقبل القريب؟
- أتصور قبل أن أتحدث عن النجاح، يجب أن أشير إلى أن النجاح أمرٌ نسبي والنجاح لا يجب أن يتحدث عنه من قام به؛ لكي نتصف بالموضوعية والنجاح يجب أن يتحدث حوله الآخرون وليس صاحب العمل حتى لو كان نجاحا.
الأمر الآخر وقبل الحديث حول ما الدروس التي استفدناها وما الذي يمكن أن نبني عليه برامجنا في المستقبل؛ أقول: نحن وضعنا مجموعة قواعد ومن خلالها انطلقنا للعمل في الدوحة كعاصمة للثقافة العربية. أول هذه العوامل هي أن نعتمد على أنفسنا اعتمادا كاملا وفعلا تم ذلك في جهاز وزارة الثقافة وكان هذا بقرار سياسي إلى حد ما. حيث نوقش الأمر في مجلس الوزراء وكان السؤال هل يشكل جهاز خاص أم نعتمد على شركة علاقات عربية أو دولية أو هل نعتمد على بعض من يسمو بالمخططين أو (Planners) للقيام بمهمة تدشين وتنظيم الاحتفالية؛ وكان القرار في مجلس الوزراء أن على وزارة الثقافة أن نقوم بالمهمة، وكان أمامنا أن نختار بعض الشركات التي تقوم ببعض المهام في الداخل أو الخارج ولكن أيضا كان القرار أن لا نعتمد إلا على أنفسنا، ولكي يكون هذا، فرصة لخلق كوادر وتجربة تفيدنا أيضا.
وطبعا عندما بدأت التجربة كنا نقيم التجربة كل أسبوعين ونرى ما الذي تم بالشكل الذي نريده وما الأخطاء التي ارتكبنا وكنا نصححها أول بأول. وكنا نبعد أي شخصٍ نعتقد أنه غير قادر على القيام بالمهمة وفيما بعد سارت الأمور على أكمل وجه وأصبح لدينا جهاز صاحب خبرة كبيرة سواء في العلاقات العامة أو في وضع البرامج أو اختيار الفعاليات أو في عملية التسعير؛ لأن لدينا ميزانية محددة وليست مفتوحة كما يتصور كثير من الناس، وبالتالي كان علينا أن نعمل ضمن هذه الميزانية المحددة. فالحمد لله اكتسبنا خبرة كبيرة جدا، وبناء على هذه الخبرة فأن الأيام القادمة بإذنه تعالى ستكون أياما واعدة.
الثقافة موضوع حساس ومهم لأنه أمر يتعلق بالهوية ويرتبط بماضي الإنسان العربي وحاضره ومستقبله بصورة عامة
وأيضا في هذا الأمر تتدخل عوامل عدة، حيث دخلنا الآن في مجال استحقاق جديد وأنت تعرف أن قطر قرار استضافة مونديال كأس العالم عام 2022، وهذا قرار ليس سهلا وإنما هو قرار كبيرٌ جدا، وكما قال صاحب السمو أمير دولة قطر، أن هذا الأمر يعتبر انتصار عربي. وفي تقديري أنه بقدر ما هو انتصار عربي هو مسؤولية عربية وبالذات على إخواننا في دول الخليج والعرب في أن يقفوا معنا وأن يساندوا قطر في بكل وسيلة من الوسائل. وكما لم يقصروا عندما طلبنا أن يقفوا معنا، فهم لن يقصروا في الوقوف إلى جانبنا. ولكن أيضا هي مسؤولية وطنية كما قلت في كلمة ختام الاحتفالية، فهي الآن مسؤولية القطاع الخاص والعام والمؤسسات الحكومية والأفراد القطريين، في أن العالم عندما توج كل هذه النجاحات القطرية بتكليفه بهذه المهمة، أيضا أعتقد أن العالم كان يثق بأن قطر ستلتزم بالاستحقاقات المطلوبة بهذا الملف الذي قدم وسيتحقق من هنا حتى عام (2022).
إلى جانب هذا الأمر أود أن أشير إلى أنني لا أعتقد أن هذه المهمة، فقط مهمة رياضية، وإنما اعتقد أنها مهمة ثقافية وحضارية وبالتالي نحن في وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الأخرى كهيئة المتاحف، علينا مسؤولية كبيرة في أن نعمل وأن نقوم بواجبنا في أن نخلق وضعا حضاريا يظهرنا بالمظهر اللائق كممثلين للعرب جميعا وليس فقط كقطريين.
* هذا كان حقا احد أسئلتي حول ما الذي يمكن أن تقدمه «الثقافة» لاستحقاق المونديال. لذا انتقل إلى سؤال آخر يتعلق بممارسة الفعل الثقافي بالنسبة لوزارة الثقافة القطرية. إذا ما نظرنا إلى الموضوع من منطلق عربي، فإن كثيرا من الدول، وهو أمرٌ ليس سرا، تمارس العمل الثقافي ربما من وجهة دعائية، أنتم في قطر كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟
- نحن ننظر إليها، بأن التنمية لا تكون حقيقية من دون الثقافة، وسبق وأشرت إلى أن التنمية العرجاء تلك التي لا تهتم بالثقافة؛ هذا هو الجانب الروحي من التنمية. والتنمية الحقيقية هي تلك التنمية التي تضع في الحسبان الإنسان كما تضع في الاعتبار البنية التحتية، حتى في رؤيتنا الوطنية التي أقرت في قطر حتى عام 2030 ميلادية؛ هذه الرؤية تضع الثقافة في مقدمة الأمور التي يجب أن نهتم بها وأن تكون أساسا من أسس التنمية في هذا البلد. وأتصور أن هذا يجب أن يكون مبدأ عربيا وعاما. وحقيقة أن قطر حققت انجازات كبيرة في البنية التحتية الثقافية. وأنت مكثت في قطر عدة أيام وبكل تأكيد زرت الحي الثقافي ورأيت كيف أنه صرحٌ ثقافي عربي يعتز به كل عربي، بالذات أنت من المملكة العربية السعودية ومن الخليج خاصة وبالتأكيد شعرت باعتزاز في أن يكون لدينا صرحٌ ثقافي بهذا المستوى، يضم المسرح الروماني ودار الأوبرا ومسرحا آخر، إلى جانب مقرات الجمعيات الثقافية ومتحف الفن الإسلامي الذي أصبح من أهم المتاحف الإسلامية. أضف إلى ذلك متحف الفن الحديث الذي أفتتح قبل أسبوعين وهنالك المتحف الوطني الذي يقوم العمل عليه على قدم وساق، كي يفتتح ويكون من أجمل المتاحف التي ستقام ان شاء الله في العالم العربي. إذا هنالك اهتمام وإدراك تام بالثقافة واهتمام بالفنون التشكيلية والمسرح وكل جوانب الثقافية؛ فالقضية ليست قضية إعلامية. وكما تعرف فإن كثيرا من الدول تربط بين الثقافة والإعلام وأنا بتقديري كشخص صاحب تجربة وكنت يوما وزيرا للإعلام والثقافة لمدة ست سنوات وأعتقد أنه إذا اختلط الاثنان، فإن الذي يدفع الثمن هو الثقافة ويكون التركيز في الإعلام كما أشرت في سؤالك. ولذلك كان هذا القرار من صاحب السمو أمير دولة قطر بإنشاء وزارة للثقافة وللفنون والتراث وأن يكون أيضا من مهمتها الشباب؛ لأننا عدا المهمات الرياضية التي تتولاه اللجنة الأولمبية، فإن بقية المهمات التي تتعلق بالشباب هي من مهمة وزارة الثقافة أيضا.
* تحدثت عن الصروح الثقافية ولاشك أن العمل الثقافي هو عمل مستقبلي أيضا.. لذا فإن مسألة تدشين بنية تحتية ثقافية للمستقبل هو أمر انتم واعون له و..؟
- اسمح لي أن أقاطعك، القضية ليست قضية وعي فقط وإنما قضية واقع ملموس وموجود. اذهب مثلا، إلى متحف الفن الإسلامي وسترى قاعة جديدة أقيمت للفنون التشكيلية. اذهب إلى الحي الثقافي وستجد هنالك ثلاثة مسارح كبرى ولكن أيضا ستجد ثلاث قاعات تابعة لوزارة الثقافة مهمتها الفن التشكيلي والتصوير. وأيضا لدينا مؤسسات أخرى غير وزارة الثقافة وهيئة المتاحف ولدينا مؤسسة قطر للتربية والعلوم والمجتمع ولها دور كبير جدا وأيضا لدينا ست جامعات أمريكية وبعض هذه الجامعات مثل جامعة فرجينيا مهمتها مهمة فنية. وبالتالي هنالك تعامل مع الموضوع وليس مجرد إدراك ووعي وتعامل مستقبلي.
* هذا حول الحاضر والمستقبل ولكن ماذا عن الاهتمام بالتراث؟
- أعطيك مثالا صغيرا وله رمزيته، لعلك شاهدت الحفل الختامي لاحتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية؛ هذا الحفل مرتبطٌ ارتباطا كاملا بالتراث. لأننا نؤكد أن حضور المرأة في المجتمع هو أمرٌ موجود في تراثنا العربي والإسلامي وأن المرأة كانت باستمرار موجودة إلى جانب الرجل. فالتراث محل اهتمام كبير من قبل وزارة الثقافة؛ إن كان تراثنا الموسيقي أو الشعري أو الفكري أو تراثنا الملموس أي: المادي وغير المادي. وأنت عندما تذهب إلى (سوق واقف) فإنك ستجد إحياء لتراثنا العمراني؛ وتشعر أن الخليج الذي كان موجودا منذ مائة عام، لا يزال موجودا، ولكن في بناء حديث ونظيف ومرتب وتتوفر فيه كل وسائل الحياة الحديثة مع المحافظة على التراث العمراني الجميل.
* الكم الكبير من الفعاليات التي أقيمت في هذه الاحتفالية دفعني للسؤال التالي وهو كيف وفقتم بين ديناميكية الفعل الثقافي وبيروقراطية العمل الإداري؟
- لاشك أن هذا أمرٌ كان علينا أن نتغلب عليه أو أن نقع أسرى له. وهنا يأتي دور العمل الجماعي. والحقيقية وفرت لنا جميع الإمكانات التي تجعل من عملنا عملا ناجحا وتخرجنا من العمل البيروقراطي. وخذ مثلا، قطر دولة تحارب الفساد وبالتالي الإنسان يفكر ألف مرة قبل أن يصرف ريالا في غير محله وسيحاسب سواء كان وزيرا أو موظفا صغيرا وبالتالي شكلت لجنة خاصة، تتابع كل ما يتعلق بهذا الأمر، بدل أن تذهب المشاريع إلى اللجنة المركزية؛ شكلت لجنة في وزارة الثقافة فيها ديوان المحاسبة ووزارة المالية والثقافة وهيئة المتاحف؛ تدرس كل عرض مهما كان ولو بعشرة ريالات. وثم تأخذ القرار المادي بعد أن تم اختيار الفعالية نفسها. وبالتالي كل الإجراءات التي تخرجنا عن إطار الروتين، توفرت وهنا يأتي دور القيادة والدعم المعنوي والإداري.
* إلى أي مدى ساهمت احتفالية الدوحة الثقافية بتجسير وتوطيد العلاقة بين الدول العربية على المستوى الدبلوماسي والسياسي؟
- هذا أمرٌ جميلٌ جدا، لأننا منذ البداية رفعنا شعار (الثقافة العربية وطنا والدوحة عاصمة)، في الحقيقة لم نكن ندرك تمام الإدراك، مدى إعجاب ومحبة الناس له وكنا نفكر في كل مرحلة من العام أن نختار شعارا آخر يغطي جانبا من الجوانب الأخرى. ولكن كل من جاء وسمع هذا الشعار أعجب به، لما يحتويه من معنى. وأن الثقافة هي الوطن الجغرافي والحقيقي الذي يجمع العرب جميعا. وحتى إن الأخوة في ليبيا بعثوا لنا كتابا يطلبون أن يتبنوا هذا الشعار ليكون شعار مدينة (سرت) وهي تحتفل لكونها عاصمة الثقافة العربية لعام (2011). إن من المهمات الرئيسية للعواصم الثقافية، توثيق العلاقات بين العرب بعضهم مع بعض. ولذلك يجب أن تكون عاصمة بكل ما تعنيه الكلمة. ولذلك كانت هذه الأسابيع العربية - التي اشترطنا فيها أن لا تكون مجرد القيام بواجب وإنما يجب أن تكون على مستوى رفيع - وفعلا كل دول أخواننا العرب بما فيها المملكة العربية السعودية، التي أصر الأخ الدكتور عبدالعزيز الخوجة أن تشارك، رغم أنه كان هنالك أتفاق، بأن دول الخليج لا تشارك، باعتبار أننا ثقافة واحدة ولكن المملكة العربية السعودية كانت استثناء نتيجة لما تمثله من مكانة لدى الثقافة العربية وأيضا ما تمثله من مكانة في الجزيرة العربية وفي الخليج وفعلا كان أسبوعا مميزا ذو فعاليات خاصة. وأيضا كانت هذه الاحتفالية فرصة في أن يأتي المثقفون العرب، ربما بالمئات إلى قطر طوال هذا العام وكذلك الفنانين التشكيلين العرب لتشكل الدوحة منطلقا لمزيد من التواصل وأيضا هنالك مهرجان الفرق الأهلية المسرحية في الخليج وربما حضرت بعضها.
* بل حضرتها كلها.
- أمرٌ جميلٌ جدا. وهنالك بينالي الخط العربي وأيضا المهرجان الأول للموسيقى الشرقية والطرب العربي والعام القادم سوف تقام الدورة الثانية لهذا المهرجان الموسيقي. ثمة أمور وفعاليات كثيرة ستتكرر لكونها مهرجانات دائمة إن شاء الله.
* عندما أصغي إلى هذا الحديث المُطَمئن حول الاعتناء بالفنون والثقافة، الذي سيكونُ له أثرٌ في الإنسان القطري.. أرجو هنا لو تحدثني عن هذا الأثر الذي بلا شك بدأت تلامسه أنت بالتأكيد؟
- فعلا، الناس بدأت تشعر بأهمية الثقافة؛ وصار ثمةَ وعيٌ لدى الإنسان في قطر والإنسان العربي في قطر، لأن الثقافة ليست ثقافتنا وحدنا وإنما هي ثقافة العرب من موريتانيا إلى الخليج. خذ مثلا الفن التشكيلي، سابقا لم نكن نشاهد في قطر، معرضا لبيع اللوحات (Galleries) أو معرضا تشكيليا، الآن تذهب إلى (سوق واقف) وترى معارض بيع اللوحات. سابقا كان يحضر افتتاح المعرض، ربما عشرون أو ثلاثون؛ أما الآن فأصبح يحضر المعرض العشرات والمئات وأيضا فيما يخص حضور الندوات أصبح الاهتمام يوما بعد يوم يزداد وأيضا بالمطبوعات والنشر؛ كل ذلك ساهم في خلق كمية كبيرة من الوعي بأهمية الثقافة. ونحن استعملنا التكنولوجيا استعمالا صحيحا، ليس فقط للحضور وإنما للتوعية بأهمية الثقافة ولتعبئة الناس للاهتمام بالثقافة. وقد استعملنا رسائل (SMS)، إذ نرسل يوميا من وزارة الثقافة (4500) رسالة حول كل فعالية تنظمها الوزارة، حتى إن بعضا بدأ يشتكي من إزعاج الرسائل التي تأتي ولكن أصبح ثمة جوٌ عام في «البلد»، فالذي لا يحضر أصبح يعرف أن هنالك معرضا هنا أو فعالية هناك. ولاشك أن العاصمة، الدوحة، لعبت دورا كبيرا جدا في هذا الأمر. والأمر الجميل الآخر هو أن الناس أصبحوا يطالبوننا بأن لا نتراجع. وأقول لك قصة جميلة: نحن في قطر مشهورون «بطول لساننا».. قول ما نشاء. ولدينا برنامج اسمه (لكم القرار)، وهو مقابلة مع مسؤول ويتاح للشباب أن يتحدثوا معه بكل حرية. ثم يكون هنالك تصويت على سؤال البرنامج وقبل بدء احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة بست أشهر، كان هنالك سؤال: هل الدوحة جاهزة لأن تكون عاصمة للثقافة العربية؟ وكنت ضيفَ الحلقة شخصيا (وزير الثقافة). وبعد التصويت رأى 70% أن الدوحة غير جاهزة لهذه الاحتفالية. وقد سألني المذيع هل تقبل هذا التحدي، فأجبت أجل أقبل هذا التحدي، ما دام لدي هذه القيادة في قطر. والحمد لله قابلنا التحدي وواجهناه. والآن كل من صوت ضد جهوزية قطر للاحتفالية غير رأيه.
* أخيرا دعنا ننتقل إليك.. أحلامك وماذا تصبو إليه، بوصفك منتمٍ إلى هذا الوطن ومن هذا المكان المطل على هذا الخليج العربي؟
- كل الأمور تبدأ بالأحلام وكم هو جميل أن يحلم الإنسان ولكن الأهم أن يعمل الإنسان لتحقيق هذا الحلم. وبهذه الصورة يصبح الحلم مشروعا، وأعتقد أن ما شهدناه في قطر، يجعل باب الحلم مفتوحا وقابلا للتحقيق. وأتذكر أنني كنت وزيرا للإعلام والثقافة قبل عشر سنوات وجئت الآن وأدركت الفراق الكبير جدا.. لذا لا يُهمني المباني والشوارع وهي موجودة في أي مكان أو مدينة؛ المهم هو الاهتمام بالإنسان والآن ما تحقق في قطر كبير جدا ولذلك لم يصبح الأمرُ مجرد حلمٍ غير قابلٍ للتحقيق وإنما كل أحلامنا إن شاء الله سوف تتحقق ليس لنا وإنما للخليج والعرب جميعا. وحقيقة أشيد بصاحب السمو وبرؤيته ونحن فعلا نسير على هديه وبتوجيهه. وأملي أن الثقافة ليس في قطر وإنما في الخليج والعالم العربي، تحتل المكانة اللائقة بها، لأننا فعلا نحن في الخليج نواجه مشكلة وتحديا كبيرا جدا بالنسبة لثقافتنا وبالذات للغتنا العربية ولذلك ما عاد من الترف الاهتمام بالثقافة. والثقافة ليست وسيلة ترفيه؛ نعم الترفيه المشروع مطلوب ولكن أيضا الثقافة تتعلق بهوية ومستقبل وبقاء الإنسان كعربي ومسلم، ولذلك أوجه ندائي للجميع، بأن يعطوا الثقافة حقها وأن يصبح هنالك وعيٌ لأهميتها. وهنالك مؤشر من قبل القيادات العربية، إذ فكروا في قيام قمة ثقافية عربية ولم يحدد الموعد ولكن من حيث المبدأ، مجرد التفكير في قمة ثقافية عربية هو بحد ذاته مؤشر لمدى إدراكهم لأهمية الثقافة. وحتى في العالم ككل، كثيرٌ من المشاكل الموجودة، سببها عملية غياب التفاهم والتفاعل بين الثقافات. ونحن يجب أن لا نخشى الانفتاح مع العالم؛ العرب كانوا ينفتحون في أوج حضارتهم وفي عهد المأمون انفتحوا على كل الحضارات وكان (بيت الحكمة) الذي كان موضوع افتتاح احتفالية الدوحة. و(بيت الحكمة) كان الهدف منه الانفتاح على حضارات وثقافات العالم، لأنه أصبح ثمة ثقة وأعتقد أن من واجبنا الثقة بثقافتنا وأن نوفر كل الوسائل لأن تحتل الثقافة المكانة اللائقة بها وحينئذٍ لا يجب أن نخشى الانفتاح على العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.