من يقوم بجولة شاملة على فضاء التلفزيون العربي من خلال قمري (عربسات ونايل سات ) ويتمعن بدقة في كل القنوات الفضائية الرسمية والخاصة على هذين القمرين فمن المؤكد أنه سيخرج بانطباع مختلف .. وسيذهل جداً من هذا الكم الكبير من نوعية القنوات الفضائية المختلفة الأنواع والأهداف والنوايا التي تبث وتغذي فكر الشارع العربي على مدار الساعة!! وخلال إجازة نهاية الأسبوع الماضي قمت بمحاولة المرور على اكبر قدر ممكن من القنوات الفضائية بهدف الاطلاع ومعرفة القنوات الفضائية وماهي مضامين موادها والبرامج التي تبثها إلى المشاهدين في الوطن العربي بمختلف مواقعهم وأعمارهم وطوائفهم الدينية والاجتماعية .. وقد استغرقت المهمة أكثر من ساعة كاملة لم تكن كافية لزيارة جميع القنوات !! حقيقة يمكن القول إن أجيالنا الحاضرة والنشء القادم في خطر ذهني وفكري كبير.. ومن خلال هذا الكم الكبير جدا من القنوات فقد تأكد أن الفضاء الإعلامي العربي الحالي أكبر من مجرد أنه قنوات تلفزيونية طبيعية وترفيهية !! فالقضية اليوم قضية تنافس فكري ونحن عنها لاهون .. غافلون .. في أمور كثيرة جداً ؟! فالآخرون من خلال كم كبير جداً من القنوات الفضائية التي تبث من قمري (عرب سات) و(نايل سات) يخططون ويعملون ويسعون في ظل تنظيمات تنافسية دينية او عقائدية او مذهبية متقنة جدا ومحكمة ومدروسة وموجهه نحو عقول الناشئة العربية ككل وخاصة الخليجية وخاصة أكثر وأكثر الناشئة في المجتمع السعودي !! وما تحمله هذه القنوات ليس إلا صورة صغيرة جداً ودليلاً مقنعاً على تلك التوجهات المنظمة .. ومن قدر له متابعة الفضائيات على قمري (عرب سات ونايل سات) خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي والتي تزامنت مع مناسبة صيام عاشوراء سيدرك أن سباقنا وتنافسنا مع تلك القنوات تنافس خاسر! فالأهداف التي تحملها معظم قنواتنا أهداف مختلفة والمحتويات بدائية والأساليب متخلفة جداً والأفكار التي تنقلها بعيدة كلياً عن حقيقة المعركة و الصراع الفكري الذي يتجه بمسيرته نحو مجتمعنا ونحو أجيالنا الناشئة .. هذه الناشئة التي من المؤكد أنها قادمة إلى مرحلة كبيرة وخطرة جدا من التذبذب الفكري، وهذا الصراع وهذا التذبذب أو التردد إنما هو أول بوادر خسارتنا لتلك المنافسة لاقدر الله!! فبينما نحن نتنافس في إنشاء قنوات الشعر الشعبي .. والإبل .. والصيد .. والصقور .. والسلق .. والقنص .. وقنوات الغناء .. والرقص والطرب والمسلسلات وقنوات تفسير الأحلام وفتاوى السحر .. ونتسابق في تغذيتها بالمتابعة والاهتمام ودعمها ماليا من خلال الاتصالات المدفوعة !! كان المنافس في الطرف الآخر يقدم عملاً مختلفاً ومخططا ومدروسا ومنظما بكل عناية في كل جوانبه وأوجهه.. فهم يقدمون عملاً احترافيا بكل ماتعنيه هذه الكلمة مما يؤكد وبما لايدع مجالاً للشك بأن أمورنا تسير نحو أمور خاطئة عن مبدأ المنافسة مما يقودنا نحو مستقبل غير مطمئن لأجيالنا القادمة !! صحيح ان هناك قنوات محترمة وجيدة من المؤمل فيها لكنها تظل قنوات تحاول المواجهة والمقاومة لتلك القنوات لكن من المؤكد أنها أولا قنوات قليلة في عددها والأمر الآخر أنها قنوات لايمكن أن تقوم بدور المنافسة لتكل القنوات لمبررات كثيرة جدا !! فما بين ماتبثه قنواتنا وبين ما تبثه تلك القنوات يتضح تباين التخطيط وتتأكد حاجتنا الماسة والعاجلة جدا إلى مراجعة أنفسنا قبل حلول الخطر الأكبر القريب جدا !! ذلك الخطر الذي أصبح الآن يسيطر تدريجيا على فضائنا الإعلامي في ظل دعم سياسي خفي مناصر له لتحقيق ذلك الهدف !! فالمواطن الخليجي والسعودي والعربي يتحسر في كل لحظة .. ويحزن في اليوم ألف مرة مما يشاهده ويسمعه وهو يتنقل مابين تلك القنوات خوفاً على مستقبل فكر تلك الأجيال !! فالأطراف الأخرى تخطط وتعمل وفق إستراتيجية إقليمية وعالمية وتنفذ أول بأول بكل نجاح يقابل تائهين ..مهووسين .. ومنشغلين .. مابين قنوات مسابقات الشعر الشعبي (المادي) والإبل والطرب والمسابقات والتنافس فيها .. لذلك تداركوا الأمور قبل فوات الأوان لا قدر الله!
