تعددت الروايات حول عملية الاستيلاء على حجر أو«مسلة تيماء» الشهيرة عن طريق بعض الرحالة الأوربيين ونقله إلى متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية سنة 1884م والتي تعد واحدة من أهم وأشهر الكنوز الأثرية المنهوبة كونها تشكل اضافة مهمة للحضارة الانسانية وتحمل أثرا مكتوبا بالرسم الآرامي عن حقبة الملك البابلي " نابونيد " منذ القرن السادس قبل الميلاد يتحدث عن طريقة العبادة وعن تنصيب أحد الكهنة في معبد الإله الوثني (صلم ) في تيماء. وإلزام المعابد الأخرى بتقديم محصول 21 نخلة ضريبة لهذا المعبد وشهد موضوع اسم وجنسية الرحالة الذي قام بنقله ومكان العثور على الحجر جدلا تاريخيا اختلف حوله الرواة ذهب اكثرها الى انه أحد احجار بئر هداج تيما وان الرحالة الالماني اوتنغ هو من قام بنقله الى اوربا الا ان الرحالة اوتنغ نفسه يقدم لنا حقائق مهمة ينسف بعضها هذه الروايات اثناء رحلته الى تيماء عام 1884م برفقة الفرنسي هوبر وعلى مدى حلقتين سنقرأ ضمن كتابه رحلة داخل الجزيرة العربية في النسخة المترجمة عن دارة الملك عبد العزيز توثيقا مهما عن سيناريو نقل الحجر وما صاحب ذلك من احداث متسارعة واخرى دموية اشبه ما تكون بسيناريو استخباراتي للظفر بهذه المسلة التي لا يتجاوز طولها 110سم وعرضها 43سم عند ما قال : ذهبنا الى منزل فهد الطلق الذي ضيفنا بالتمر والخبز واللبن، وقد كان من بين المدعوين رجل أسلحة ماهر يدعى زيدان، وقد ضممته إلي لمعرفته التامة بالأماكن وموافقته على تلبية طلباتي ليرافقني خلال زياراتي في المدينة، وحينما فرغنا من الأكل ذهبنا معا إلى غرب المدينة، حيث التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي المترين عن مستوى سطح البحر، وتقع تحته حسب معلوماته تيماء القديمة، وفي الحقيقة بعد قيامي بعملية بحث سطحية في الأرض الرملية وجدت بعض قطع من الزجاج، وشظايا من البرونز مغطاة بطبقة خضراء سميكة، بالإضافة إلى قطع من أرض إسمنتية وعدد من أحجار العقيق، كما رأيت قناة تتجه نحو الشمال مغطاة بالجير، ويبدو أنها كانت مخصصة لنقل الماء إلى المستنقع الملحي «السبخة» والى الجنوب وصلنا إلى قصر الدائر، وهو بناء كبير مربع الشكل فيه أبراج على الزوايا! وبقايا بشر مردومة، ومن هناك ذهبنا إلى منزل يقع على مسيرة خمس دقائق الى الجنوب يسمى طليحان، وجدت فيه أغلى غنيمة حصلت عليها من رحلتي في الجزيرة العربية، فإلى اليمين على القائم الأيمن من الباب الداخلي الثاني كان هناك حجر مقلوب نحتت عليه أشكال آدمية، تمثل معبوداً أو ملكاً، وكاهناً، وهذا الحجر هو ما يعرف اليوم في أوساط الدارسين باسم «حجر تيما»، وحينما رأيت نقشاً مكتوباً عليه لم استطع إخفاء مشاعر الدهشة لدي إلا بصعوبة بالغة، وفي هدوء مفعم بالسعادة قمت بنسخه على الورق، ثم أعطيت صاحب المنزل بكل سرور بعض النقود. وبعد أن قلت لزيدان بأن يحضره إلي في صباح الغد الباكر، ذهبت مسرعاً وأنا متعب ومضطرب إلى البيت لكي أحدث هوبر عن الاكتشاف الجديد. وأهمية النقش المكتوب عليه، تكمن في انه يعود بالتأكيد إلى القرن السادس قبل الميلاد، أما الحجر نفسه فسيقتلع من مكانه ليحضر إلى منزلنا في يوم الغد، وفي المساء تمت دعوتنا لدى ثويني، وبعد ذلك شربنا القهوة عند عبد العزيز بن رمان، وقد كنت أفضل مائة مرة لو أنني بقيت في المنزل لدراسة الورقة التي نسخت عليها النقش. حجر تيماء هو بطول 110 سم وعرض 43 سم وسماكة 12 سم ويزن 150كغم وقد أدى تفكيري في ذلك الحجر إلى إصابتي بالقلق وعدم القدرة على النوم إلى القدر الذي جعلني أنهض عند الفجر لأنظر من جديد على ضوء الشموع إلى الورقة التي نسخت عليها النقش، وعند طلوع الفجر بدأت بإخراج القمل من ملابسي، ثم ذهبت مع رجل السلاح زيدان في جولة خلال المدينة زرنا فيها أولا منزل الخطيب محمد العتيق الذي كان على أحد جدران مسكنه الداخلية حجر عليه نقش كتب بالخط الآرامي. ثم سرنا عبر مقبرة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة الحالية. وترتفع فيها بعض الأعمدة الدائرية المتداعية «فهل هي بقايا أعمدة المعابر؟» وعلى مقربة من هذه المقبرة شاهدت بعض الخبث الناتج عن فرن لصهر المعادن، وبعض الأواني الفخارية المزججة، وفضلات ضبعة ، وجثة حيوان ميت، حينما وصلنا منزل زيدان منحني هدية! كانت عبارة عن بلطة حجرية سوداء يستخدمونها في قياس نسب الذهب والفضة، وقد رأيت عنده جرة قديمة من الفخار، لم يكن عليها أي ملامح فنية. وجدت حين عودتي من الجولة سبعة رجال يقفون في فناء منزلنا، وقد أحضروا الحجر «مسلة تيماء» من قصر طليحان، فقمت بإعطاء كل حمال منهم ربع مجيدي، وأعطيت المالك 1.5 مجيدي (حوالي 5 ماركات)، وبعد وضع الحجر وذهاب الرجال أصبح في وسعي فحص الحجر عن قرب، وحينما رآه هوبر تذكر أنه شاهده بالفعل خلال زيارته الأولى (عام 1880) ولكنه لم يظن أنه ذو أهمية.