تتأهب المملكة خلال الثلاث السنوات القادمة لطفرة جديدة في الصناعات التعدينية المتقدمة والفريدة من نوعها لتكاملها الصناعي من المادة الخام إلى المنتج النهائي، وتناغمها مع منتجات وطنية أخرى ما يعطيها قيمة مضافة ويحقق لها التميز في محك المنافسة في الأسواق الدولية، ويعزز من مكانة المملكة كبلد دخل في منظومة الدول المنتجة للصناعات الحديثة التي تساهم في التنمية البشرية العالمية. ويتوقع محللون اقتصاديون أن تساهم هذه الطفرة في الصناعات التعدينية وما يرافقها من بنى تحتية ومرافق مساندة لهذه الصناعات في فتح ما يزيد على 160 ألف فرصة وظيفية للشباب السعودي، جلها في الوظائف الفنية والتقنية ما يخفف من نسبة البطالة ويفضي إلى تنويع مصادر الاقتصاد السعودي ويزيد الناتج المحلي ويرفع من مستوى الدخل الوطني، كما أنه سيساهم بصورة مباشرة في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين ويحقق أهداف الدولة في الاستفادة القصوى من الثروات الوطنية بما يضمن رفاه الشعب. وتضع الدولة آمالا عريضة على هذه النهضة التعدينية الصناعية في تشكيل منظومة متقدمة من الصناعات الحديثة التي ستساهم في نقل وتوطين التقنية المتقدمة واستغلال الثروات التعدينية التي تزخر بها أراضي المملكة بما يناسب استراتيجياتها الوطنية الهادفة إلى توظيف العائدات المالية في تعزيز نهضة الوطن وإسعاد أجيال المستقبل متكئة على عدد من المعطيات منها قوة ومتانة الاقتصاد السعودي والمناخ الاستثماري المتميز وتوفر مصادر الطاقة بأسعار تنافسية. وتحقيقا لهذه الغاية فإن الدولة تضع اللمسات الأخيرة على مشاريع عملاقة في البنى التحتية تتمثل في سكة القطار الذي يربط شمال المملكة بالمنطقة الوسطى ثم الشرقية وذلك لنقل الخامات المتمعدنة في المناطق الشمالية والوسطى إلى مرافق التصنيع على الساحل الشرقي للمملكة، كما أنها تعمل على توفير مرافق مهمة مثل محطات الكهرباء وتحلية المياه والميناء والطرق والاتصالات بالإضافة إلى الخدمات الأخرى المساندة. وتقود شركة التعدين العربية السعودية "معادن" المملوكة للدولة بنسبة 50% جل هذه النهضة التعدينية من خلال استثمارات ضخمة تفوق في قيمتها 60 مليار ريال وجهتها لاستغلال احتياطيات خامات الفوسفات والبوكسايت والمعادن النفيسة والأساس والمعادن الصناعية الأخرى التي تمتلك حقوقها التعدينية، منتهجة في ذلك أفضل الأساليب والتقنيات لتطوير الثروات المعدنية الكبيرة سعيا إلى أن تصبح شركة عالمية المستوى متنوعة النشاط في مجال التعدين وصناعة المعادن النفيسة والأساس والصناعية وتعزيز القيمة الاستثمارية بالنسبة لمساهميها وللمجتمع بصورة عامة. فبالإضافة إلى مشاريعها القائمة في مجال الذهب والمعادن النفيسة من المتوقع أن يشهد العام القادم بدء الإنتاج في مشروع الفوسفات، يلي ذلك إنتاج مشروع الألمونيوم بالإضافة إلى مشاريع المغنيزايت والصودا الكاوية والكاولين وغيرها من المعادن الصناعية. ويتوقع محللون عالميون أن قطاع التعدين على المستوى العالمي سيكون من القطاعات المربحة وذلك نظرا للطلب المتزايد على المعادن النفيسة والمعادن الصناعية وخاصة الألمونيوم، وكذلك المنتجات الفوسفاتية التي تلعب دورا محوريا في توفير الغذاء حيث يشهد العالم تناميا في عدد السكان ما يستلزم زيادة في المنتجات الفوسفاتية والمواد التي تدعم القطاع الزراعي. وهو ما دفع المستثمرين خلال الأسبوع الماضي إلى التوجه نحو المتاجرة في أسهم شركات التعدين لتحقيق مكاسب في ظل تهاوي سعر الدولار ما عزز من أداء الأسهم العالمية.