يلاحظ الكثير من الآباء والأمهات بعض الأنماط السلوكية المحيرة على طفلهم، فتارة يرونه عائدا من المدرسة شاكيا باكيا من الملل بسبب رتابة الدروس، وعدم وجود عنصر التشويق والإثارة أثناء التعلم، وتارة أخرى يلاحظونه عازفا عن أداء الواجبات المدرسية أو مبتعداً عنها ليركز انتباهه على لعب كرة القدم، أو اللعب على الكمبيوتر لساعات طويلة دون ملل، أو منشغف في قراءة كتب وقصص أعلى من مستوى عمره الحالي بسنوات، وأحيانا يمطرهم بوابل من الأسئلة الصعبة التي تنم عن وجود قدرة عالية لديه في التفكير المجرد أعلى بكثير من مستوى عمره، وقد يسأل أسئلة متنوعة وواسعة في مواضيع مختلفة. ويكون السر وراء تلك الأنماط السلوكية الغريبة وجود (موهبة) كامنة لدى هذا الطفل تنتظر الفرصة للظهور والانطلاق، ولكن الأهل يشعرون بالحيرة والقلق حيالها لعدم وعيهم بطبيعة الموهبة ونوعها وخصائصها، وعدم معرفتهم بدورهم في الكشف عن طفلهم الموهوب، وجهلهم بأساليب توفير المناخ الملائم لتنمية موهبته ورعايتها، وكذلك عدم معرفتهم بأساليب التعامل الصحيح معه مما يجعل مسألة تربية الطفل الموهوب ورعايته تحديا كبيرا لهم، لذلك يقع على الأسرة دور كبير للكشف عن موهبة طفلهم وإبرازها من خلال عدة نقاط منها: أن تدرك الأسرة بأن الطفل الموهوب ليس بالضرورة موهوبا في كل المجالات وفي جميع الأوقات، ملاحظة الأشياء التي يحبها الموهوب وتوفيرها له، مساعدته للوصول إلى أقصى ما تسمح به قدراته دون ضغوط أو وضع توقعات عالية جدا نحوه مع تعليمه كيفية التعامل مع الإحباط والخطأ والإدراك بان الخطأ من الخبرة الإنسانية الواسعة في الحياة، دعم الطفل الموهوب ماديا ومعنويا وتشجيعه على موهبته وإبرازها في الحفلات والمناسبات الخاصة والعامة، عدم السخرية من أفكار الموهوب وأسئلته حتى لا يتخوف من التعبير عن أفكاره أو يتردد في الإعلان عنها، عقد لقاءات مع معلم الطفل والمرشد الطلابي لإعطائه المعلومات الكافية عن طفلهم الموهوب، اللجوء إلى مصادر الدعم في المجتمع سواء من الجامعات أو المؤسسات أو المختصين لتوفير المساعدات المادية والفنية لرعاية الطفل الموهوب وتسجيله ضمن كشوفاتهم وغير ذلك من الإجراءات التي تنمي الطفل وتدعمه. هذه هي الموهبة لذا يجب علينا ألا نغفل عما نراه يصدر من أبنائنا ونتجاهله بل يجب أن تكون نظراتنا واسعة وملاحظاتنا دقيقه فتربية الموهوب تعتبر تحديا للأسرة وقد تكون متعة حقيقية في حياة الأسرة إن هي قامت بدورها كاملا أو قد تتحول إلى هم كبير فيحال غياب هذا الدور. وعلى الخير نلتقي... *متخصص في شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة