مدخل: أجسادٌ يعيش أصحابها في الحاضر لكن عقولهم مُتعلّقة بالماضي. * اليومُ من لحظة قدوم المولود إلى هذه الدنيا بل وحتى أثناء عملية ولادته والتقنية تلازمه وتستمر معه طوال حياته حتى مماته. نحنُ لا نفكّر بأشياء تحيطنا، نراها بسيطة لكنها في واقعها ضرورة لحياتنا. نعرف قيمتها حينما نفقدها وبعدها يبدأ الالتفات إلى أهميتها لنسعى للحصول عليها من جديد. كل هذا الاستطراد يقودني للسؤال عن كيفية تعاطي البعض مع تلك التقنية المصنوعة في الغرب (الكافر) حسب عقولهم أو ما يُملى عليهم، وبالتالي مدى قبولهم النفسي لها؟؟ كتبتُ متسائلاً في هذه الزاوية بتاريخ 6 أكتوبر الماضي تحت عنوان (التعلق بالأوهام): ما دمنا الأميز والأفضل (حسب مفهوم البعض)، فلماذا نحن متخلفون في كثيرٍ من مناشط الحياة، ولماذا غيرنا هو الذي يتفضّل علينا بالمخترعات والاكتشافات بينما نحن نتلقى ما يلقون بهِ من فتات منتجاتهم الفكرية والعلمية.! فأتت ردود الأفعال متباينة ، رفض بعضهم الاعتراف بتخلّف الأمة وأصرّوا على خيريتنا وأننا في الطليعة وأن الوهم يتمثل في القول بتفوق الغرب..! كُنتُ مندهشاً في البداية لكنني بعد تأمل في الردود وتقليبها على كُلِ جانبٍ، أيقنت بأن ارتباك المفاهيم لدى هؤلاء (البعض) فاعل رئيس في إخفاقاتنا وضبابيّة مساراتنا . قومٌ مرتبكون مشوشون يتعاطون مع المُخترعات ويذمون مخترعها، بل ويدعون عليه جهارا بالهلاك والثبور. قومٌ يعيشون التناقضات بكل معانيها. لا يُمكن للمرتبك أن يقدّم حلولاً حاسمة. إنه متذبذب بين يقينيات في داخله تقول بأفضليته وخيريته وواقع يشهد بتخلّفه. أهناك ما هو أكثر تناقضاً من قومٍ يدرسون العلوم والنظريات لا للاستفادة منها أو تطويرها بل للتفتيش في نقائصها لعل وعسى . في نفس الوقت يعيشون تحت مظلة خيرها ونفعها ؟؟ سؤال أخير، قومٌ في أمّة يُمارسون تلك التناقضات المُربكة، هل بإمكانهم ابتكار حلول لمآزقهم وقضاياهم حتى تلك التي من صنع أيديهم ؟؟ المرتبك كائن يعرف الحقيقة في داخله، ومع هذا فهو في ركضٍ دائم خلف السراب . يا كافي.