بعد أن تدنت نسب تأييده وبات غالبية الفرنسيين يكرهون خططه لإصلاح نظام التقاعد أصبح الرئيس نيكولا ساركوزي يتمنى أن يطوي هذه الصفحة سريعا بتعديل وزاري وبعض المبادرات لتحسين صورته كرئيس لمجموعة العشرين. ويواجه ساركوزي معركة صعبة في انتخابات 2012 للفوز بفترة رئاسية ثانية لكنه سيسجل نقاطا على الساحة الدولية لدى الأسواق المالية وفي حزبه الاتحاد من أجل الحركة الشعبية المنتمي إلى يمين الوسط لإصراره على موقفه في مواجهة النقابات العمالية لإصلاح نظام معاشات التقاعد السخي. ومن المقرر أن يتم هذا الأسبوع التوقيع على مشروع القانون الذي بموجبه يرفع سن التقاعد من 60 عاما إلى 62 عاما لسد العجز المتزايد في معاشات التقاعد ليصبح قانونا ساريا بعد أن أقره مجلس الشيوخ يوم الجمعة الماضي. وتعهدت النقابات بمواصلة المعركة ودعت لإضرابات ومظاهرات في الأسبوعين القادمين. وربما يؤدي حادث واحد كأن تستخدم الشرطة الوحشية مع المتظاهرين إلى تجدد الاضطرابات. وللتغلب على استطلاعات الرأي غير المبشرة والاحتجاجات يهدف الرئيس إلى أن يبدأ من جديد بتعديل وزاري واصلاح ضريبي بهدف استرضاء الناخبين المنتمين إلى يمين الوسط وتعزيز فرصه في مواجهة اليسار الأكثر شعبية. وقال رئيس الوزراء السابق جان بيير رافارين وهو محافظ مقرب إلى ساركوزي لإذاعة (ار.تي.ال) "التماسك الاجتماعي أولوية. لابد أن تكون مهمة الحكومة الجديدة النهوض بالمجتمع ومحاولة إعادة بناء هذا المفهوم مع النقابات العمالية". ودعا إلى إحراز تقدم في مجالات منها مساواة رواتب الرجال والنساء وتحسين ظروف العمل ومساعدة العاملين في الاعمال المنهكة. ومن المتوقع أن يقوم الرئيس النشط بعدد من التعديلات الوزارية الرئيسية في نوفمبر عندما يعود من قمة منتدى القيادات الاقتصادية بمجموعة العشرين في سول عاصمة كوريا الجنوبية وربما يشمل ذلك رئيس الوزراء والوزراء المسؤولون عن العمل والنقل والشؤون الخارجية والميزانية. وربما يكون أكبر انقلاب يمكن أن يحققه هو استمالة الصين للتعاون المتعدد الأطراف فيما يتعلق باستقرار العملات وهو ما تحجم عنه حتى الآن. ويأمل ساركوزي أن يحقق تقدما في هذا الهدف عندما يزور الرئيس الصيني هو جين تاو فرنسا في أوائل نوفمبر. وتدنت نسب تأييد ساركوزي لأقل من 30 في المئة في استطلاع للرأي أجري مؤخرا بعد فضيحة تمويل متعلقة بحزبه وبعد انتقادات أوروبية لطرده الجماعي للمهاجرين من الغجر بشكل غير مشروع. ويعارض ثلثا الناخبين خطوة رفع سن التقاعد كما أن احتجاجات الشوارع التي كانت قاسية في كثير من الأحيان في الأسابيع الأخيرة تعني أن ساركوزي سيواجه صعوبة بالغة في حشد التأييد الشعبي مرة أخرى. لكن الرئيس الفرنسي اشتهر بقدرته على الخروج من الأزمات. ويتوقع بعض المحللين أن يركز على مبادرات لإرضاء المواطنين تستهدف الناخبين المنتمين ليمين الوسط وأقصى اليمين خلال السنة والنصف المتبقية في ولايته. وربما تشمل الخطوات الوطنية التي يمكن اتخاذها المحاربة من أجل تمويل للمزارع من الاتحاد الأوروبي أو المزيد من التشريعات التي تستهدف المهاجرين مثل قانون حظر ارتداء النقاب. من جهتها، قدرت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد أمس في تصريح لاذاعة اوروبا ان الاضرابات التي تشهدها فرنسا احتجاجا على مشروع اصلاح نظام التقاعد تكلف "ما بين 200 و400 مليون يورو يوميا". واضافت ان كلفة الاضرابات على الاقتصاد الفرنسي يقدرها "البعض بما بين 200 و400 مليون يورو يوميا"، مشيرة مع ذلك الى انه "يصعب اعطاء رقم" دقيق بشأن الكلفة. واشارت الوزيرة ايضا الى "الاساءة المعنوية" التي تشكلها الاضرابات لصورة فرنسا التي قالت انها تضررت في الخارج بسبب الحوادث التي تخللت التظاهرات ضد اصلاح التقاعد.