بين رقم كبير أعلنه موظف صغير بجهة صغيرة (مدير علاقاتها العامة) ورقم صغير أعلنه موظف كبير بوزارة كبيرة هي وزارة العمل (الوزير) وأرقام متناثرة هنا وهناك يقف المرء حائرا يبحث عن حقيقة.. والحقيقة تمثل مرتكزاً وطنياً وأساساً من أساسات بناء خططنا الوطنية التنموية الشاملة.. والخلخلة في الرقم والمعلومة أصبحت مرتبطة بنا مثل ارتباطنا بمفاهيم ما يسمى ب"الخصوصية"، فقد أصبح البحث عن الرقم والبحث عن المعلومة أمراً شبه مستحيل إذا كان الباحث يريد معلومة موثقة دقيقة يستطيع بناء خططه وبرامجه عليها.. وأمام كل هذه المعلومات المتضاربة والأرقام المتناقضة والجهات المختلفة يدور تساؤل بحجم هذا الوطن وما حققه من منجزات على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي ليجعلنا نتساءل عن دور وزارة الاقتصاد والتخطيط.. وهل يمكن أن تكون هي الجهة المعنية بالدراسة والبحث وتقديم الأرقام التي ترتبط بمنجزنا التنموي وتؤثر فيه وتتأثر به؟ وهل يمكن أيضاً أن تكون مصلحة الإحصاءات العامة الجهة التي يمكن من خلال إحصاءاتها وأعمالها المتعددة أن تكون صاحبة الرأي والقرار والمعلومة الدقيقة حول كل ما يرتبط بالوطن من معلومة ورقم خاصة ما يتعلق منها بحجم البطالة وحجم العمالة الوافدة وما يرتبط بذلك؟ أذكر سجالاً مضحكاً حدث بين عدد من قطاعاتنا الحكومية حول تعريف البطالة أولاً ثم حول حجم وعدد البطالة مما يجعلنا في حيرة نصدق من ونتكئ على أي معلومة تقدمها الجهة.. أعتقد جازماً أننا بحاجة إلى التالي: أولاً: تحديد الجهة المعنية بدراسة وبحث كل ما يتعلق باقتصادياتنا الوطنية ومن ثم تقديم المعلومة الموثقة والواضحة والصحيحة عن ذلك. ثانياً: تحديد المتحدث الرسمي باسم الوطن الذي يقدم المعلومة، ويمكن أن يتم تحديد أكثر من متحدث وطني بمعنى أن تكون وزارة ما مخولة بالحديث عن الإحصاءات المرتبطة بالبطالة بينما يتم تحديد وزارة أخرى أو جهة أخرى للحديث عن إحصاءات أخرى ترتبط بمجالات مختلفة وهكذا. ثالثاً: منع الحديث غير الموثق عن أي معلومة أو إحصائية أو تداولها، فلا يسمح (لكل من هب ودب) أن يدلي بدلوه ويتحدث عن قضايا وطنية وخطط تنموية بعناصرها المختلفة من خلال تقديم أرقام غير موثقة أو غير صحيحة. ومما لفت انتباهي أنّ عدداً غير قليل من الكُتاب والإعلاميين تناولوا مسألة البطالة في المملكة من خلال ذلك التصريح الذي نشرته إحدى الصحف المحلية على لسان موظف صغير في جهة لا أعتقد أنّ لها علاقة مباشرة بالمعلومة التي ترتبط بمسألة البطالة أو أنها الجهة المخولة بدراسة حجم البطالة في الوطن العزيز.. أتمنى أن تتحرك جهات وطنية مسؤولة لمعالجة هذا الموضوع وقد تكون الجهة المحددة لتناول مثل هذه القضايا وتقديم المعلومة الصحيحة عنها هي المجلس الاقتصادي الأعلى فهو الذي يرسم خارطة الوطن التنموية وتتعلق به الكثير من قضايا الوطن وهمومه.. فهل يتحقق ذلك، إنها أمنية.. والرأي لكم.