يسعى المحسنون وفاعلو الخير إلى بناء المساجد؛ طمعاً في كسب الأجر والمثوبة من عندالله، ويصادف تنفيذ هذه المشروعات أحياناً تعثر يمتد إلى أشهر طويلة وربما سنوات، لعدة أسباب، منها: عدم وجود ترخيص بلدي لتنفيذ المشروع، أوعدم توفر القدرة المالية الكافية لإكماله، أو تواجده بالقرب من مساجد أخرى في الحي، أوعدم توفر العدد الكافي من جماعة المسجد. "الرياض" ناقشت موضوع تعثر بناء المساجد مع المختصين، متسائلة عن دور وزارة الشؤون الإسلامية للحد من أسباب هذه الظاهرة. المساجد المتعثرة في البداية يقول "د.عبدالله الحميد" مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة عسير:"إن مشروعات المساجد المتعثرة موجود في عدد من محافظات المنطقة، ومنها جامع آل حسيكة، والذي يحتاج لإعادة تصميم، وجامع وادي الحياة في "تهامة قحطان"، المحتاج لموقع بديل"، مؤكداً أن هناك عشرة مشروعات أخرى متعثرة؛ بسبب نقص بعض الوثائق التي يتم بموجبها منح فاعل الخير تصريح بناء مسجد، ومنها: إحضار صورة صك المسجد أو كروكي رفع مساحي مبسط، ونسختين من مخطط هندسي مبسط، وإشراف من مهندس مكتبي، وخطاب من مراقب المساجد مع ذكر رقم الترخيص، وصورة بطاقة المتبرع ورقم جواله، وتسليم رخصة البناء، وتعهدات داخلية. وأضاف:"أن هناك إجراءات متبعة في الإدارة في حال تعثر إكمال المشروع، منها: أخذ تعهد على المتبرع، بحيث إذا أخفق في إنجازه يسحب منه، ويُبحث عن فاعل خير آخر، أو ترفع أوراقه للوزارة لإكماله"، مشيراً إلى أن هناك تنسيقاً بين الأمانة وإدارة الشؤون الإسلامية والبلدية في حال تعثر أي مشروع، داعياً إلى عدم المبالغة في الزخرفة والمساحة والاكتفاء بالهيكل الأساسي، حتى يستطيع المتبرع إكمال مشروعه دون تعثر، موضحاً أن هناك مَن لا يكون لديه الاستطاعة الكاملة على بناء مسجد، وفي هذه الحال يستطيع صرفه ماله على أعمال خير أخرى كالجمعيات الخيرية، والإنفاق على الأيتام. العشوائية موجودة وقال "محمد الدباش" مستشار الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في منطقة عسير: "إن إحسان الظن المطلق سيئ في بعض الأوقات، فعندما يبدأ أحد المحسنين في بناء مسجد قد لا يستطيع تكملته، ويبدأ يتهرب، فينبغي أن لا يبدأ أي فاعل خير بناء مسجد إلا بعد أن يوجد المبلغ المناسب، والمخططات جاهزة، حتى نبتعد عن العشوائية"، مشيراً إلى أن الحبل متروك على الغارب والعشوائية موجودة، وكل مَن أراد بناء مسجد فإنه يقوم ببنائه، بغض النظر عن مكان البناء هل هو أرض مغصوبة أو مخطط غير معتمد أو في حديقة أو مكان غير مأهول بالسكان، وليس له جماعة، داعياً إلى عدم بناء المساجد، إلاّ بعد دراسة ووجود ترخيص، وأن يكون في مخطط معتمد، أو بصك شرعي مفرغ للجهة المختصة، وأن لا يكون بجانب مسجد آخر لتجنب "الضرار"، مؤكداً أن البناء بطريقة عشوائية وتهرب الجهات المسؤولة من بلدية وشؤون إسلامية من الإشراف، يسبب مشاكل كثيرة جداً، ومنها تجاور المساجد بجانب بعضها. د.عبدالله الحميد وأوضح "الدباش" أن فرع الشؤون الإسلامية لم يبن من مجمل المساجد المقامة سوى 1% والبقية تكفل بها فاعلو الخير، والمبالغ المخصصة من قبل الوزارة تصرف على أمور ذات أولوية، مشيراً إلى أن الإعلام يثير ضجة كبيرة عندما تقوم الشؤون الإسلامية بإزالة المساجد المخالفة، ويعتقد أننا نمس العقيدة بذلك ،ولكن إذا كان يخالف فالوزارة تزيله بدون أي مشاكل. المبالغة مرفوضة وأكد "د.مسعود الغامدي" أن بناء المساجد وتسابق المحسنين عليه، أمر يدعو إلى الفرح والسرور، قائلاً: "إن تبني مشروعات بناء المساجد -ولله الحمد- في بلادنا أمر ملموس وواضح ونرجو أن يستمر، لكن يجب أن تكون الهدف من بناء المساجد إقامة الشعائر الدينية لا المبالغة في بنائها بشكل واضح جداً"، موضحاً أن هناك تنافساً بين بعض الراغبين في بناء المساجد سواءً في الزخرفة أو في الشكل العام، وهذه الزخرفة تُسهم في رفع تكلفة المسجد، ويمكن أن يبنى بها أكثر من مسجد آخر. احتياج فعلي من جانبه حث "محمد المبارك" -إمام مسجد- على أهمية تحديد الاحتياج الفعلي من المساجد في كل مدينة حتى يحقق البناء الهدف والاحتياج في وقت واحد، مؤكداً على أن بناء المساجد أجره عظيم عندالله بمصداق أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-. وذكر الاستاذ "مرزوق الخلف" من فرع المديرية العامة للشئون الإسلامية في ظهران الجنوب أن الإجراء المتبع في المساجد المتعثرة، أن الفرع يقوم أولاً بدراسة وضع متعهد البناء، وذلك عن طريق لجنة متخصصة في هذا المجال، والبحث معه في سبل إكمال المشروع، وتذليل الصعاب إن وجدت، فإن تعذر ذلك عمد الفرع إلى إدراجه ضمن خطة ميزانية الفرع للعام المقبل، مع إمكانية إتاحة الفرصة حال رغبة أحد المحسنين بإِكماله.