هناك العديد من التغيّرات الحيوية في الدورة الدموية للمرأة التي تعاني من مرض خلقي في القلب خلال فترة الحمل والتي يمكن أن يكون لها آثار ضارة عليها وعلى جنينها، وتشمل هذه التغيّرات انخفاضاً في ضغط الدم وزيادة احتمالية حدوث تجلط للدم، وعادة ما ينخفض ضغط الدم في الثلاثة أشهر الثانية من الحمل مما يزيد من تدفق الدم عبر تفريعة من اليمين إلى اليسار إذا كانت موجودة لدى المرأة الحامل مع وجود عيب الحاجز الأذيني، ويكون هناك زيادة بنسبة 30 - 50% في كمية الدم تحدث في الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل الطبيعي وربما يؤدي هذا إلى فشل عضلة القلب الاحتقاني لدى النساء اللواتي يعانين من ضعف عضلة القلب أو أمراض في صماماته بالإضافة إلى حدوث تقلبات في تدفق الدم من القلب تحدث أثناء المخاض والولادة، وقد يؤدي الحمل أيضاً إلى حدوث انتفاخ في الشريان الأبهر لدى المريضات اللواتي يعانين من خلل في تركيب القلب وعلى سبيل المثال من لديهن متلازمة مارفان أو تضيّق الشريان الأورطي أو الصمام الأبهري. ونتيجة لنجاح جراحات القلب للنساء اللواتي لم يكن قادرات في السابق على الحمل والإنجاب أصبح بإمكانهن ذلك بالمتابعة المستمرة والتنسيق بين أطباء والنساء والولادة وأطباء القلب. وفي أحدث التقارير والدراسات الأوروبية نشرت عام 2007م والتي وصفت نتائج الحمل في النساء المصابات بأنواع مختلفة من أمراض القلب الخلقية، وجد أنه تم تسجيل مضاعفات قلبية في 11% من حالات الحمل مع وجود فشل في عضلة القلب والذي يعد الأكثر شيوعاً بنسبة 5% وعدم انتظام في ضربات القلب بنسبة 4.5%. وفي دراسة كندية أخرى نشرت في عام 2001م أجريت لتقييم النساء الحوامل اللاتي يعانين من أمراض قلب خلقية، حددت أربعة مؤشرات وهي وجود أعراض فشل في عضلة القلب من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حدوث الازرقاق، ووجود أحداث مرضية سابقة مثل السكتة الدماغية أو عدم انتظام لضربات القلب، وحدوث تضيّق الصمام التاجي أو الأبهري بصورة متوسطة إلى حادة، وضعف البطين الأيسر الانقباضي. ويرتبط خطر حدوث مضاعفات قلبية أثناء الحمل بالمؤشرات المذكورة أعلاه وكذلك نوع المرض الخلقي الذي يمكن أن يكون بسيطاً كضيق الصمام الرئوي أو ثقب الحاجز الأذيني، أو متوسطاً مثل خطر الصمامات الاصطناعية أو تضيّق الشريان الرئوي الشديد، أو خطيرة مثل حدوث فشل عضلة القلب من الدرجة الثالثة أو الرابعة وارتفاع ضغط الدم الرئوي الحاد مثل متلازمة آيزنمنغر ومتلازمة مارفان وتضيق الصمام الأورطي الشديد وتاريخ مرضي لضعف البطين الأيسر الانقباضي خلال ولادة سابقة. وفيما يتعلق بتكرار حدوث أمراض القلب الخلقية فإن خطر أن يولد طفل مع مرض قلب خلقي يقدر بنسبة 0.8%، كما أن خطر حدوث أمراض قلب خلقية في الأطفال الذين يكون أحد والديهم مصاباً بها يعتمد على نوع مرض القلب الخلقي لديهم، وربما تتراوح النسبة بين 2% كما هي الحال في ثقب الحاجز الأذيني وبنسبة تصل إلى 50% كما هو الحال في الآباء والأمهات مع متلازمة مارفان. وللعلم فإنه يسمح للنساء الحوامل اللواتي يعانين من أمراض قلب خلقية بسيطة أن يلدن بشكل طبيعي ما لم تكن هناك أي موانع طبية أخرى يقررها طبيب القلب المعالج. وهناك العديد من الإرشادات للنساء الحوامل اللواتي يعانين أمراض قلب خلقية تشمل التشخيص المبكر لمرضهن القلبي عن طريق الفحص السريري وتخطيط القلب ورسم صدى القلب والتي هي فحوص آمنة خلال فترة الحمل، وتقييم الحالة الطبية للحامل في أول زيارة للعيادة الخارجية، وكذلك الحد من خطر حدوث مضاعفات، والرصد الدقيق للأدوية خلال فترة الحمل مثل الأدوية المانعة للتجلط كالهيبارين والوارفارين لدى اللواتي تم زرع صمامات قلب اصطناعية، أما في النساء المصابات بقصور في القلب فالأدوية المدرة للبول مثل دواء اللازيكس هي آمنة نسبياً في فترة الحمل في حين الأدوية المثبط للأنزيم المحول للأنجيوتنسين مثل الكابتوبريل فهي ممنوعة خلال فترة الحمل. كما يجب النظر في المضادات الحيوية المستخدمة للوقاية من التهاب القلب البكتيري خلال المخاض والولادة في النساء اللواتي أجريت لهن جراحة سابقة لصمامات القلب الاصطناعية أو في حال وجود تاريخ مرضي لحدوث التهاب القلب البكتيري، أو أمراض قلب خلقية مزرقة تم إصلاحها من قبل مع استمرار وجود مضاعفات. وفيما يتعلق بعلاج الحالات المتوسطة والمعقدة من أمراض القلب الخلقية فهناك بعض التوجيهات تشمل إحالة الحامل إلى مركز متخصص للحد من المخاطر على الأم وجنينها، وأن يكون هناك تنسيق مشترك بين طبيب القلب المعالج وطبيب النساء والولادة، وأن يكون هناك توقع للولادة الطبيعية في جميع الحالات تقريباً ما لم تكن هناك موانع طبية وكذلك رصد الخطة العلاجية لما بعد الولادة. مركز الملك فيصل للقلب