لن نتحدث عن الجانب الشرعي في إغلاق المحال التجارية أثناء وقت الصلاة فهناك من يؤدي هذا الدور باقتدار أفضل ولعل من رزقه الله علما وبصيرة يستطيع أن يميز وأن يعرف، ولكن سنتحدث من الجانب الاقتصادي وما يترتب على إغلاق المحال التجارية أثناء وقت الصلاة من وجهة نظر اقتصادية، فهناك من أثار هذا الموضوع في الآونة الأخيرة ويتكلم وكأنه صاحب نظريات اقتصادية بأن ذلك مفسدة على الاقتصاد وان هناك أضراراً كبيرة على الاقتصاد وهدراً اقتصادياً جراء هذا النظام الذي تطبقه المملكة العربية السعودية. فكان من المفترض مناقشة تنظيم أوقات العمل وإغلاق المحال في أوقات محددة كما في الغرب وليس منتصف الليل الذي هو بالفعل هدر اقتصادي كبير فضلاً عن المشاكل الاجتماعية والأمنية المترتبة على ذلك. فنقول لهم لا توجد أي أضرار اقتصادية في إغلاق المحال التجارية أثناء وقت الصلاة بل على العكس هناك إيجابيات كثيرة من خلال تنظيم فتح وإغلاق المحال التجارية ومعرفة أوقات البدء والانتهاء وسنستشهد بوقائع ودلائل واقعية ولا نخوض في العموميات كما فعلوا وبدون حجج واضحة، فعندما يتحججون بأن ذلك مضيعة للوقت فهل تريد المحال أن تعمل بدون توقف مثلاً؟ ففي الغرب وهم يتحدثون عن الغرب، أليس هناك وقت للغداء وهو وقت مقدس بالنسبة لهم فهناك الكثير وليس الجميع يقفل في وقت الغداء ويعود بعد ساعة ونحوها وهذا موجود في أمريكا وأوربا وفي بعض دول آسيا والجميع يعرف هذا الوقت ويقدر له قدره، فعندما تعرف أوقات الصلوات وتعرف متى يغلق المحل فعندها يحصل التنظيم ويتحقق المقصد ولن يتأثر العميل بذلك فهو نظام مقرر والجميع ملتزم به. في أوربا مثلاً تغلق المحال في أوقات مبكرة عند الساعة الخامسة والسادسة مساء ولدينا تُفتح المحال وحتى منتصف الليل فهل نستطيع أن نقول إن انعكاسها الاقتصادي ايجابي لدينا وسلبي لديهم؟ بالتأكيد لا، فالعبرة ليست في إطالة الوقت والاستفادة منه بأكبر قدر ممكن ولكن العبرة في التنظيم وعدم الإخلال به. في دولة كاليابان مثلاً تُفتح المحال من قبل الموظفين قبل نصف ساعة تقريباً من الموعد الرسمي ولا يتم السماح للعملاء بالدخول للمحال حتى يبدأ وقتها الرسمي وبالدقيقة حتى ولو كان العميل أمام المتجر أو المحل ويريد أن يدخل، فهل نقول إن هذا هدر للاقتصاد ومضيعة للوقت؟! بل هو شعب يحترم النظام ويقدره ويعرف متى يدخل ومتى يخرج. في أمريكا وأوربا أيضا تغلق المتاجر والمحال في وقت محدد ومعروف ويتم منع العملاء من التسوق بعد انتهاء الوقت ولو بدقائق معدودة، ولا شك أنه ليس هناك ما يمنع من تمديد الوقت إلا أنه النظام فقط والتقيد به، أليست أوقات الصلوات أهم وأولى؟! أما من جانب إنتاجية العاملين التي يتحدثون عنها فنحن في القطاع الخاص ونرى ونسمع، فالعامل تزيد إنتاجيته ولا تنقص وكثير من الشركات في القطاع الخاص لا تطالب العاملين بساعات إضافية كما يدعي البعض، والمملكة العربية السعودية وفي ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وفقه الله تشهد نموا اقتصاديا كبيرا من سنة لأخرى ومن وقت لآخر وجميع المحال التجارية تغلق وقت الصلاة فأين الضرر الاقتصادي الذي يتحدثون عنه؟! أما من يتحدث عن الاستثمار الأجنبي وأن المستثمر الأجنبي ينفر من هذا النظام، نقول له إن لكل دولة نظاماً يختص بها والمستثمر والسائح وغيرهم يعي ذلك، فنحن عندما نذهب للغرب لا نستطيع أن نطالبهم بفتح المحال يوم الأحد مثلاً لأنه نظام ونحن نحترمه، والمستثمر الأجنبي أتى لهذا البلد لكي يستثمر في هذا البلد ويعرف ثقافته والمستهدفون في استثماراته هم من هذا البلد ومن وجهة نظر تسويقية بحتة وحتى يتحقق له ما يريد يجب عليه أن يعرف ثقافة كل بلد لكي يستطيع أن يجلب منتجا أو خدمة متوافقة مع رغبات وحاجات العميل في هذا البلد، فشركة ماكدونالدز للوجبات السريعة لا تبيع البيف برجر أو لحوم البقر في الهند لأسباب دينية، فمهمتها أن تلبي رغبات العميل وتعرف ما يريد، فهل نستطيع أن نقول إن شركة ماكدونالدز التي لديها أكثر من 30.000 فرع على مستوى العالم شركة غير ناجحة وأنها نفرت من أسواق الهند؟ والسؤال الذي يُطرح هنا، هل لم يتبقَ لدينا إلا إغلاق المحال التجارية أثناء الصلاة كمشكلة اقتصادية إن كان هناك مشكلة أساسا كما يرى البعض؟ فيجب أن يكون التوجه والمطالبة بقضايا اقتصادية أكبر ومنها على سبيل المثال وليس الحصر العمالة الأجنبية في المملكة والعشوائية المتمثلة في غياب النظام والرقابة عليها والمطالبة بالنظام وإحلال الشركات والمؤسسات بدلاً من الأفراد فمثلاً الورش وأعمال الكهرباء والصيانة والنجارة والسباكة وغيرها الكثير كلها تدار بأيادٍ أجنبية وبغطاء فردي سعودي، فتلك هي الكارثة وليس إغلاق المتاجر والمحال في أوقات الصلاة، فهل يستطيع أي يشخص أن يثبت بالدليل القاطع أن إغلاق المتاجر والمحال في أوقات الصلاة هي هدر اقتصادي وأنها تقلل من إنتاجية العاملين؟!. * أستاذ الإدارة والاقتصاد الرئيس التنفيذي لشركة رأيك العقارية