مع بداية العام الدراسي الجديد نُشرت مقالات عديدة تنتقد التقويم الدراسي الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم بوصف أيام الدراسة بالمملكة بأنها قصيرة ولا تقارن بدول متقدمة تكرر ذكرها بمقالات أرجعت ضعف التحصيل لدى طلابنا لأيام الدراسة القليلة، إلا أن الغريب هو عدم الإشارة لأيام الدراسة بفرنسا التي تقتصر على (4) أيام بالأسبوع لكون يوم الأربعاء إجازة للمدارس! بل أن كل شهرين تقريبا هناك إجازة لعدة أيام بالإضافة الى إجازة اليوم الواحد لمناسبات كثيرة! ووفقا التقارير المنشورة فان عدد أيام الدراسة بها وهي دولة متقدمة فقط (160) يوماً! فهل الخلل في قصر أيام الدراسة لدينا أم فيما تقدمه مدارسنا خلالها؟ إنني لن أتعاطف مع المدرسين أو الطلاب في الدفاع عن التقويم الدراسي وقصر أيام الدراسة أو مدة اليوم الدراسي ولن اكرر ما ذُكر بشأن واقع مدارسنا المستأجرة ولن أتحدث عن افتقاد مباني المدارس الحكومية - وهي أساسا قليلة- لمتطلبات اليوم الدراسي الكامل أو الأجواء الحارة التي تسبب أيام الدراسة خلالها مشكلة كبيرة للطلاب والمدرسين وشركة الكهرباء! فمن السهولة أن نُنظر ونطالب وكأن كل الظروف مهيأة لزيادة أيام وساعات الدراسة ولكن لو أردنا تنفيذ مطالبنا لاكتشفنا استحالة ذلك! فما سينطبق على مدارس الرياض ومعظمها في مبانٍ مستأجرة سيطبق على مدارس متهالكة في قرى لايمكن أن نصدق إنها مدراس بالمملكة! ولكن هنا لا أفهم أسبابا منطقية بتحميل وزارة التربية والتعليم المسؤولية في تقليل أيام الدراسة لكونها تضع التقويم الدراسي على أساس العام (12) شهرا وان هناك إجازات رسمية كعيدي الفطر والأضحى بواقع (11) يوما لكل عيد، وإجازة مستحقة للمدرسين كموظفي الدولة (36) يوماً وماعدا ذلك فتوجد فقط إجازتان- الربيع ومنتصف الفصل الثاني- كل واحدة منهما (5) أيام وليست (9) أيام كما هو بموقع الوزارة لكون الخميس والجمعة إجازة أسبوعية للجميع! ولا اعتقد أنها تستحق كل تلك الضجة الإعلامية خاصة وانه يتضح من التقويم الدراسي للعشر سنوات إن متوسط أيام الدراسة لدينا (180) يوما وان العام الدراسي للطلاب بدأ في 16/10/ 1431ه وسينتهي في 20/7/1432ه وسيستمر تواجد المدرسين لاختبارات الدور الثاني الى قرب منتصف شهر شعبان وليتبقى فقط (36) يوما قبل إجازة عيد الفطر هي الإجازة السنوية المستحقة للمدرسين والمدرسات ولتبدأ بعد ذلك الدراسة للعام الجديد! ولذلك فإننا إذا أردنا أن نُقارن مع دول أخرى يجب أن لاتكون لدينا انتقائية لدعم مانريد، كما انه إذا أردنا أن نستجيب للمطالبات بزيادة أيام الدراسة كما في اليابان (243) يوماً او ألمانيا وغيرها (210) أيام فإننا سنُجبر على تمديد العام الدراسي لمابعد 20/7/1432ه لأكثر من شهر وليصبح العام الدراسي حوالي (14) شهرا! حيث سينتهي العام الدراسي قبيل رمضان وسيستمر تواجد المدرسين حتى إجازة العيد بسبب اختبارات الدور الثاني وسيمنح بعد العيد المدرسون إجازاتهم السنوية حتى منتصف ذي القعدة! وبعد ذلك سيبدأ العام الدراسي الجديد! أما من يطالب بالأنشطة الصيفية لطلابنا كما في الدول الأخرى فلم أجد صدقاً بالمقارنة بالمطالبة بصرف مكافأة للمدرسين العاملين بالإجازة كما في تلك الدول بدلا من المعمول به لدينا بالتعويض بإجازة! والملاحظ إن المهم فيما يتم تقديمه للطلاب بالفصل الدراسي قد أهمل ولم يبحث خاصة بعد التغيير الكبير في مناهجنا بالمشروع التطويري للتعليم الذي طال انتظاره، فخلال السنوات السابقة كنا ننتقد المناهج والعدد الكبير للمواد التي يتوجب على أطفالنا حملها كل يوم وعدم تناسبها مع المتغيرات الجديدة..الخ وكان يعدنا مسؤولو التعليم بان هناك تطويرا شاملا للتعليم والمناهج رصدت له المليارات ولكنني فوجئنا هذا العام بأنه على الرغم من أن هناك دمجا لبعض المواد إلا أن حجمها كان كبيرا وبعضها مترجم واستبدلت الدفاتر الخفيفة بكتب النشاط التي صممت وكأن هدف المطابع زيادة عدد الصفحات! حتى أن البعض أصبح يشتكي من تمزق الحقائب وثقل ماتحمله طفلته وماسيسببه من مشاكل صحية لأبنائنا وبناتنا، فلا اعتقد أن ماحدث هو التطوير المنشود الذي كان يجب أن تتم مقارنته بالدول الأخرى، فالتغيير فقط كان في محتوى وشكل المواد وأهمل الأهم وهو طريقة التدريس المتقدمة التي ننشدها ونرغب في مواكبة المستجدات بها! فالمهم ليس كم ساعة يقضيها الطالب بالمدرسة ولكن ماذا سيحصل عليه خلالها!