عادت فيروز إلى أحضان بيروت، عادت بالأزرق الحالم، بالأمل الذي غنّته من جديدها، بكل هدوئها وخفرها والتزامها، دخلت كالطيف على جمهورها المتلهف لنبرة صوتها لكلماتها وحضورها الآسر، أطلقت على طريقتها الخاصة تحية فيروزية خالصة، فهبّ الناس مصفقين لأولى مقاطع أغنيتها "سلملي عليه"، ثم " كيفك إنت" و"اشتقت لك" و"تذكر آخر مرة شفتك" وكلها من كلمات وألحان زياد الرحباني... عادت لتفك أسر تراث متنازع عليه بعد أزمة عاصفة مع ورثة الرحباني الكبير منصور. بثّت فيروز الروح في أوصال بيروت المتشنجة على وقع التجاذبات السياسية وهاجس الحقيقة والمحاكم، كان صوتها الحقيقة الوحيدة في ليل بيروت بالأمس، كما كان طيلة سنوات الحرب والقيمة الوحيدة التي جمعت اللبنانيين مسلمين ومسيحيين يساريين ويمينيين مواطنين منقسمين بين شرقية وغربية. قدّمت فيروز من ألبومها الجديد مع زياد الرحباني أغنية "إيه في أمل" ترافقها آلتا البيانو والفيولون، صدحت في زمن اليأس بأمل آت فصفّق الحضور طويلاً ، "رغم الزهر اللي متلّي الحقول/ وشو ما تحكي وتشرحلي وتقول/ حبيبي حبيبي/ تا نرجع لأ مش معقول/ عندي سنونو وعندي قرميد/ وبعرف شو يعني اذا انت بعيد/ بس حبيبي احساسي/ ما عاد يرجعلي من جديد/ في أمل ايه في أمل/ أوقات بيطلع من ملل/ وأوقات بيرجع من شي حنين/ لحظات تيخفّف زعل/ وبيذكّرني فيك لون شبابيك/ بس ما بنسّيني اللي حصل (...)". يضم ألبومها الجديد 12 أغنية بينهما مقطوعتان موسيقيتان للموسيقي المبدع زياد الرحباني هما "ديار بكر" و"تل الزعتر"، علماً أن المسرح الفيروزي افتقد محرّكه وعرّابه الموسيقي زياد الذي كان غائباً عن حفل الأمس. صفّق الناس ل"الله كبير" و "قال قايل" وكلها من ألبومها الجديد، كما غنّت "نشكر الله"، "راجعة بإذن الله"، وأغنية "الله كبير"، وأطلقت العنان للجمهور ليردد على سجيّته مع الكورس مقاطع من أغنيات "بما أنو" و"عايشه وحدا بلاك"، ثم غنّت بصوت متدفق ومندفع "عودك رنان رنّة عودك إلي". القسم الثاني من الأمسية خصّصته سفيرة النجوم لأغنيات الأخوين رحباني والياس الرحباني، واندفع الجمهور يشاركها الغناء مع أغنيات "عالطاحونه"، "قصقص ورق"، "حمرة سطيحاتك"، "أمي نامت عا بكير"، "راجح"، "طلوا الصيادين"، "يا ريت في بيت"، وودّعت جمهورها بأغنية "إمي نامت عابكير" التي أجّجت عاطفة الجمهور، وختمت السيدة أمسيتها بوداع عاصف مع أغنية "بكرا برجع بوقف معكن" قبل أن تخرج وتعود على وقع التصفيق المتواصل وتقدم مقطعاً من رائعتها " أمي نامت عا بكير/ وسكّر بيي البوابة/ وأنا هربت من الشباك/ وجيت لعند أحبابي"..