الخبر مذهل ويستحق التوقف عنده.. يستحق أن يكون حافزاً مؤثراً على جميع الجهات ذات الصلة بالوعي الاجتماعي.. ذات المسؤولية عن سلامة مسار التطور وعياً وممارسة.. والإعلام بالدرجة الأولى.. الرفض والتنديد لا يكفيان.. إذاً لابد من استقصاء المسببات وطرح وجهات نظر ضرورة تعدّد المواجهة.. لقد حققت وزارة الداخلية ضمن تتابع منجزاتها المبهرة والعديدة في مطاردة مختلف أنواع الإجرام.. بدءاً بمحاولات التطرف ونشر الإرهاب والقتل كيفما تفق، وما يُراق من دم نسبته 99٪ من دماء المسلمين حتى الوصول إلى الخطر المنافس.. ليس درجة ثانية لكنه منافس شرس بكل سيئات الدرجة الأولى، فمَنْ يقتل العقل ثم الوعي هو في النتيجة تماماً مثل من يقتل الجسد.. حققت وزارة الداخلية منجزاً بطولياً اُسْتشهد فيه بعض المناضلين من جنودها دفاعاً عن سلامة مجتمعهم عندما - وفي غضون شهرين - ألقت القبض على 210 أشخاص متورطين في مهمات تهريب المخدرات والمتاجرة بها وبقيمة سوقية تزيد على 330 مليون ريال.. والأكثرية منهم سعوديون بنسبة الثلث ثم الباكستان فاليمن وسوريا والفلبين ثم سبع جنسيات أخرى.. السؤال: لماذا لا يتوفّر رفض اجتماعي لقبول المخدرات؟.. وهذا أمر لا تملك وزارة الداخلية وسائل توفيره.. هي تكافح مَنْ يهرِّب ومَنْ يبيع، لكن وضع الطالب في مدرسته والموظف في إدارته والعاطل في شارعه هي مسؤوليات متعددة الجوانب والمهمات لو توفرت لمثل ذلك معاضدة إيجابية لوزارة الداخلية.. أجزم أن هناك خللاً في الوعي بالنسبة للمخدرات لأن مَنْ يبحثون عنها ويشترونها لا يعون جيداً مخاطر تأثيرها على تكوينهم العقلي أولاً ثم السلوكي ثانياً.. هم يرونها - أي المخدرات - مجرد ممنوع حكومي مثل الكحوليات المحظورة بصفة عامة لكنهم لا يدركون حجم الفروق في المخاطر بين ممنوع وآخر، خصوصاً وأن جمهور المخدرات ليس بينهم تميز لمثقف أو موظف مسؤول أو غني قادر، لكنهم غالباً إما طلبة في سن المراهقة أو موظفون متدنية مرتباتهم أو عاطلون، وكل تلك الفئات تفتقد لحصانة الوعي وتنوّع المعرفة، وبالتالي ضرورة إدراك حقيقة أن مكافحة المخدرات ورفضها ليست مجرد استجابة لرغبة حكومية بقدر ما هي تطهير للذات من تسلل عدواني ناعم يدمّر العقل ويعطّل قدرات الحضور الاجتماعي.. مثلما نجحنا - وبتفوق - في منجزات قوى الأمن في وزارة الداخلية في كبح الإرهاب وتعطيل انتشار المخدرات فإننا نحتاج إلى نجاح آخر في مجالات بث الوعي ونشر قدراته كسلاح مواجهة آخر، حتى نحقّق شمولية في المواجهة لتطهير مجتمع موعود بقدراته ومشروعات دولته أن يكون مستقبلاً في واجهة عالمية مرموقة..