سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمير سعود الفيصل: دول الخليج تتطلع لعلاقات ودية مع إيران ..واستثناء برنامج إسرائيل النووي يهدد أمن المنطقة في كلمته أمام الدورة ال 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة:
عبّر صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة إلى افتتاح أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخامسة والستين عن اعتزاز المملكة العربية السعودية بأنها كانت من الدول الموقعة على ميثاق سان فرانسيسكو الذي بموجبه تم انشاء منظمة الأممالمتحدة. وقال سموه ان حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تؤكد على ضرورة وضع مبادئ الأممالمتحدة وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ العملي والفعلي بعيداً عن ازدواجية المعايير وانتقائية التطبيق. وحث على أن يشمل تحديث وتطوير الأممالمتحدة والأجهزة التابعة لها، اعطاء الجمعية العامة دورا أساسيا في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين اسوة بمجلس الأمن. وأكد سموه على أن تكون من بين الاصلاحات المهمة أيضاً تقييد استعمال حق النقض بحيث تتعهد الدول دائمة العضوية بعدم استخدامه فيما يتعلق بالاجراءات التي يقصد بها تنفيذ القرارات التي سبق لمجلس الأمن اقرارها. وتنشر «الرياض» فيما يلي نص كلمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل: السيد الرئيس: يسعدني أن أتقدم لمعاليكم بخالص التهنئة على انتخابكم رئيساً لهذه الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. إن هذا الانتخاب بقدر ما هو تقدير لكم شخصياً فإنه تقدير للدور الايجابي الذي تضطلع به بلدكم سويسرا على الساحة الدولية، وكلي ثقة بأن رئاستكم لهذه الدورة ستسهم بفعالية في تحقيق الأهداف التي يتطلع المجتمع الدولي إليها في الظروف الدولية الراهنة. المملكة حريصة على تطبيق مبادئ الأممالمتحدة بعيداً عن ازدواجية المعايير واغتنم هذه المناسبة لتقديم بالغ الشكر والتقدير لسلفكم معالي الدكتور علي بن عبدالسلام التريكي رئيس الجمعية العامة في دورتها الرابعة والستين والذي أدار أعمالها بكل حكمة واقتدار. كما يسعدني تجديد الإشادة بجهود معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون المتواصلة في ادارة هذه المنظمة الدولية ونشر رسالتها الرامية لتحقيق الأمن والسلام في عالمنا المعاصر الذي مازال يعاني صنوفاً عديدة من الصراعات والتحديات والأزمات. سيدي الرئيس: تعتز المملكة العربية السعودية بأنها كانت من الدول الموقعة على ميثاق سان فرانسسكو الذي انشئت بموجبه منظمة الأممالمتحدة. وتؤمن بلادي بأهمية الالتزام الجماعي الكامل بالمبادئ الأساسية للأمم المتحدة والأهداف النبيلة التي من أجلها وضع ميثاقها، من تنظيم للعلاقات بين الدول، وتحقيق للأمن والسلم الدوليين، واحترام لمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، ونبذ للعنف والتطرف بجميع أشكالهما وصورههما. إن هذه المقاصد السامية تتفق كل الاتفاق مع الشريعة الإسلامية السمحة، حيث أن رسالة الإسلام الخالدة توحد ولا تفرق، تعدل ولا تظلم، تساوي ولا تميز، وتحث على التعاون بين جميع سكان المعمورة لما يحقق خيرهم وسعادتهم ويحفظ حقوقهم وكرامتهم. ومن هذا المنطلق فإن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تؤكد على ضرورة وضع مبادئ الأممالمتحدة وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ العملي والفعلي بعيداً عن ازدواجية المعايير وانتقائية التطبيق. كما تدرك حكومة بلادي أهمية تحديث وتطوير الأممالمتحدة والأجهزة التابعة لتمكينها من الاضطلاع بالدور المناط بها. إن الإصلاح المنشود يتم باعطاء الجمعية العامة دورا أساسيا في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين اسوة بدور مجلس الأمن. وان المملكة لتؤكد على ضرورة اقتران ذلك بتوافر الجدية والمصداقية عبر احترام مبادئ الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة الدولية. ومن الاصلاحات المهمة في هذا المجال أن يتم تقييد استعمال حق النقض بحيث تتعهد الدول دائمة العضوية بعدم استخدامه فيما يتعلق بالاجراءات التي يقصد بها تنفيذ القرارات التي سبق لمجلس الأمن اقرارها. ومن المهم كذلك تعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودعم التنسيق بين صناديق الأممالمتحدة وبرامجها وأنشطتها. السيد الرئيس: لقد آلمنا أشد الألم ما أصاب اخوتنا في الباكستان من فيضانات كارثية شردت مئات الألوف وهدمت بيوتهم وجرفت مزارعهم وغمرت قراهم. والمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين لن تدخر جهداً لمساعدة المنكوبين وإغاثة الملهوفين والتخفيف من معاناة المحتاجين، والاستمرار في ارسال المساعدات المادية والعينية والمستشفيات الميدانية وطواقم الانقاذ والإسعاف بكل الوسائل الجوية والبرية، وذلك في اطار التزام المملكة بدورها الإنساني في مساعدة الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية، بل وحتى التي من صنع البشر الناجمة عن الحروب والنزاعات المسلحة، وسجل المملكة يقف شاهداً على مساهماتها في مجالات الاغاثة والطوارئ، وانتهز هذه الفرصة لمناشدة الأسرة الدولية للمبادرة بكل ما يلزم لتتضافر جهود المجتمع الدولي بأسره في مد يد العون والغوث بشكل عاجل وفاعل لجميع المتضررين من الكوارث والحروب بما يؤكد وحدة البشرية وتعاونها وتكاتفها في مواجهة المصائب والنكبات. السيد الرئيس: تظل مشكلة الشرق الأوسط أحد أكبر المشاكل التي تقف عائقاً أمام الأمن والسلم الدوليين، كما أن الاستعمار الإسرائيلي يكاد يكون الوحيد القائم في العالم بعد انتهاء عهود الاستعمار وانحسار سياسة التفرقة العنصرية. لقد أيد العرب بكافة دولهم، وعبر جامعة الدول العربية، جميع المبادرات والجهود الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وذلك منذ مؤتمر مدريد وحتى يومنا الحاضر، وأعلنوا مراراً وتكراراً عن التزامهم بالسلام خياراً استراتيجياً، بل وتقدموا منذ ما يزيد على العشر سنين بخطة سلام شاملة تستند حرفياً وكلياً على مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتكفل حق جميع الدول بالعيش بأمن وسلام، وتؤسس لعلاقات طبيعية بين جميع الدول العربية، بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة، وإسرائيل. وقد شاركت بلادي بدور فاعل ومؤثر بدعم مسيرة السلام طيلة هذه المدة، وشاركت في جميع مؤتمرات السلام الدولية، وقدمت مبادرة السلام العربية التي لم يقتصر تبنيها على الدول العربية بل وشمل الدول الإسلامية وأيدتها تقريباً جميع دول العالم. ومن هذا المنطلق يأمل العرب ان تحقق المباحثات المباشرة أهدافها على ضوء دعوة الرباعية الدولية التي أكدت مجدداً على مرجعيات عملية السلام المجمع عليها دولياً. إن ساعة الحقيقة قد أزفت، ومفترق الطرق يلوح أمامنا جميعاً، وهو ما عبر عنه بكل وضوح وجلاء فخامة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقوله ان نافذة حل الدولتين قد تغلق عما قريب. ولذلك فإن عواقب الفشل لا يمكن تخيلها، ونأمل جميعاً ان تغتنم حكومة إسرائيل هذه الفرصة الثمينة التي توفرها المفاوضات المباشرة والتي قد لا تتكرر في المستقبل القريب، وذلك بأن تستجيب ولو متأخرة لليد العربية الممتدة للسلام، وأن تؤكد أنها شريك حقيقي قادر على صنع السلام عبر الانخراط بجدية في الاجماع الدولي القائم على ضرورة تحقيق حل الدولتين بما ينهي هذا النزاع الدامي والذي استمر يهدد الأمن والسلام الدوليين منذ ستة عقود. وهذا لا يتطلب من إسرائيل سوى أن تعيد الحقوق المغتصبة لأصحابها، وان تلتزم مثل بقية دول العالم بمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك وقف كافة الأنشطة الاستيطانية التي تسعى لتغيير الوقائع على الأرض مما من شأنه تقويض عملية السلام وإفراغ المفاوضات من مضمونها. السيد الرئيس: إن حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ونشر ثقافة السلام ومبادرات الحوار فيما بين الثقافات والشعوب تعد عناصر أساسية في أي استراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وفي أي جهد مثمر لمنع اندلاع الحروب والصراعات التي طالما تغذت من دماء بني الإنسان وسببت له المآسي والكوارث. وغني عن القول ان احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئها هو السبيل الوحيد لحل المنازعات الدولية المزمنة والقضاء على بؤر التوتر، مما يحرم الإرهابيين من استغلال مشاعر اليأس والاحباط الموجودة بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال. ولهذه الأهداف النبيلة بادر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود باطلاق دعوته الصادقة والشاملة لتبني نهج الحوار بين جميع أتباع الأديان والثقافات التي تتكون منها الأسرة الدولية، (وهي المبادرة التي حظيت بمباركة جمعيتنا الموقرة في اجتماعها رفيع المستوى لنشر ثقافة الحوار والسلام في الدورة الثالثة والستين). وتجري الآن جهود حثيثة لتأسيس مركز عالمي للحوار يضم ممثلين عن جميع الأديان الأساسية، ويعمل بكل استقلالية بمعزل عن أي تدخلات سياسية. السيد الرئيس: إن تعزيز وتفعيل التعاون بين الدول الأعضاء في الأممالمتحدة من جهة والمنظمات الدولية والوكالات الاقليمية من جهة أخرى لمواجهة ظاهرة الإرهاب ستسهم في التصدي للإرهابيين ومخططاتهم والتي لا يمكن تبريرها أو ربطها بعرق أو دين أو ثقافة، بل انها تتعارض مع جميع تعاليم الديانات السماوية التي تدعو إلى التسامح والسلم والاحترام وتحرم قتل الأبرياء. وقد قدمت المملكة العربية السعودية العديد من الاسهامات في مجال مكافحة الإرهاب لتعزيز الجهود الرامية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة حيث عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في فبراير 2005 حضره خبراء ومختصون من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية واقليمية. وقد أكد «إعلان الرياض» الصادر عن المؤتمر على وحدة الادارة الدولية في مواجهة الإرهاب والتطرف، وتبنى دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لانشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة وهي الدعوة التي أيدتها العديد من الاعلانات الدولية مثل قمة الدول العربية وقمة دول أعضاء المؤتمر الإسلامي والقمة العربية - اللاتينية ودول أعضاء حركة عدم الانحياز. وقامت المملكة بتأسيس مراكز لتأهيل الموقوفين بتهمة الإرهاب والعائدين من معتقل غوانتانامو لمناصحتهم وتصحيح أفكارهم التي عبث بها الفكر الضال ومحاولة دمجهم في النسيج الاجتماعي ومساعدتهم مادياً وتأهيلهم للعمل الشريف المنتج. وفي هذا الاطار فإن المملكة العربية السعودية على استعداد تام للمساهمة بخبرتها في برنامج التأهيل لمن يرغب في ذلك من دول العالم الأخرى. السيد الرئيس: تشاطر المملكة المجتمع الدولي القلق من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الخليج وخصوصاً الأسلحة النووية، وفيما يتعلق ببرنامج ايران النووي فإن المملكة تؤكد على أهمية حل الأزمة بالطرق السلمية، وتؤيد في ذلك جهود مجموعة (5+1) في هذا الاتجاه، والرامية إلى كفالة حق إيران ودول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير واجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت اشرافها، وندعو إيران إلى الاستجابة لهذه الجهود، الأمر الذي من شأنه حل الأزمة، وإزالة الشكوى الدولية حول برنامجها النووي. إن المفتاح الحقيقي للحل النهائي والفاعل لمشكلة انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط التي طالما عانت من ويلات الحروب التي استخدمت فيها كافة الأسلحة الفتاكة يكمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك إسرائيل. وتشعر حكومة بلادي بالقلق الشديد إزاء رفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وبقاء برامجها النووية خارج نطاق الرقابة الدولية الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار المنطقة ويرسخ الانطباع السائد بعدم جدية ومصداقية الجهود الدولية التي تعاني من ازدواجية المعايير وانتقائية التطبيق. وتحرص المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على إقامة علاقات ودية مع جمهورية إيران الإسلامية. ومن هذا المنطلق فإننا نتطلع إلى حل موضوع الجزر الاماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، بالطرق السلمية وفقاً لمبادئ القانون الدولي بما في ذلك قبول خيار احالة القضية إلى محكمة العدل الدولية. السيد الرئيس: إن حكومة خادم الحرمين الشريفين تولي جل اهتمامها وعنايتها بالجهود الرامية لتحقيق أهداف الألفية الانمائية، وتركز على الحد من الفقر، ومكافحة الأمراض المعدية التي تفتك بالبشرية دون هوادة. وفي هذا السياق تناشد المملكة الدول القادرة على الالتزام بما تعهدت به والمساهمة بالوفاء ببقية الأهداف التي قررتها الأممالمتحدة قبل العام 2015م. تمنعنا قيمنا الإسلامية وعاداتنا العربية من نشر تفاصيل ما تقدمه بلادي لمساعدة الآخرين عبر العالم. وباختصار تعد المملكة العربية السعودية دولة مانحة وشريكاً رئيساً في التنمية الدولية. إذ تشارك بلادي بكل مسؤولية وفاعلية في مجموعة أصدقاء اليمن، ومجموعة أصدقاء الباكستان، ومجموعة أصدقاء أفغانستان، وفي كافة المبادرات الدولية الهادفة لمساعدة الدول الأكثر احتياجاً، وبلغ اجمالي المساعدات التي قدمتها المملكة إلى الدول النامية خلال الفترة (1973 - 2009م) أكثر من (99.75) بليون دولار أمريكي، استفاد منها أكثر من (95) دولة، وقد زادت مساعدات المملكة للدول النامية نسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي خلال تلك الحقبة عن ضعف النسبة المستهدفة للعون الإنمائي من قبل الأممالمتحدة من الناتج الاجمالي للدول المانحة. وتتوزع مساعدات المملكة بين آليات مختلفة، منها المنح والهبات، والقروض الميسرة، ومساعدات الإغاثة هذا بالاضافة إلى الاعفاءات من 6 بلايين دولار من الديون المستحقة، وقد ساهمت المملكة بمبلغ مليار دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي، اضافة إلى مساهمتها في رؤوس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية. وتدعو المملكة مجدداً الدول الصناعية المتقدمة للوفاء بما هو مطلوب منها سواء في مجال نسب المساعدات المباشرة أو في مجال الإعفاء من الديون المترتبة على الدول الأكثر احتياجاً أو في مجال فتح أسواقها أمام صادرات الدول النامية دون قيود غير مبررة.