في يومه ال80 ماذا ينبغي أن نقول له ، بل ماذا يجب أن نعمل له جميعا ونحن نتفيأ ظلاله ونسير ونقف على ثرى أمنه ، ونشرب ماء جوفه وبحره عذبا زلالا ، ونأكل من خيراته المتعددة ؟ فهل نعطيه كما أعطانا ويعطينا بل ونتمادى فنعتب عليه عندما نخذله بقصور همة أو ضعف تأهيل عن اللحاق بفرصة تتراءى أمامنا متزينة لأحباب لا يرون أو بعض مؤثر ممن لا يرون ربما ؟ بالتأكيد لا ينبغي أن يتجه المقال إلى الوعظ بحقوق الوطن وواجباته فلا أحد يزايد على وطنية أحد ، وليس لأحد - أي أحد - الحق في إعطاء غيره أي درس في الوطنية على اعتبار أنه المواطن الصالح والمثالي ، ولكن دعونا نتأمل سويا فيما يمس من وقاره وجنابه ذاك الحبيب الصامت ، بل - وأي وما ومن - قد ينال منه أو يسيء إليه عقوقا أو تقصيرا ، عمدا أو حُمقا وجهلا . فهو أحن وأرقى وأكبر حضناً وأكثر عطاءً من أي قبيلة نعود للوراء إليها سنين بعدما تجاوزنا ذلك بمنجز الوحدة الأرقى والأشمل ، وقطعنا شوطا لا بأس به في بدايات حراكنا الاجتماعي والثقافي نحو اللائق بنا في تعدد أهميات حضورنا الحضاري ، وهو ليس قطع محفوظات نحفظها صغارا في مدارسنا حتى نجتاز بها صفا آخر أو مرحلة دراسية أخرى ، وهو كذلك ليس تاجرا جشعا يستورد بضاعة مقلدة ينهك بها اقتصاده ويغش بها أهله ، أو حتى يستورد بضاعة أصلية منذ سنين طويلة ولم يفكر في تصنيعها محليا حيث تعدد البر والمصالح ، وهو أيضا ليس مسؤولا أيا كانت درجته لا يفكر إلا في نفسه باستغلال مركزه وصلاحياته لخدمة مصاله ومآربه وأنانيته البشعة . الوطن أكبر من ذلك كله ، وأكبر من كلام تخطه مشاعر عابرة في يومه المجيد وهي تتأمل في منجزاته وتتقلب في جزيل خيراته . هو أنت وأنا عندما نجلّه ونحفظه ونحمله في أعماقنا وأعمالنا ماحيينا . هو أمانة فمن حفظ ومن ضيع ؟ فلنسأل بعضنا ، وكل واحد منا ، من هو ؟ من أنت ؟ من أنا ؟ من كلنا ؟ أنت أنا في هذا وذاك وأنا أنت عندما نتساءل . أنا من أنا ؟ في هذه الأرض العريقهْ والليل في الظلمات يبصرها طريقهْ أنا من أنا ؟ أنا كلنا أنا موطني في القلب مني والعيون ..... هو والدي ... وقبيلتي ... والحضن والأم الحنون . فلنفرح سوياً ببعضنا في وطننا، ولنرفع الصوت والأهازيج إعلاناً بحبنا وعملنا له اليوم وغداً وأبداً ، لأنه يستحق أكثر وأكثر .