يحتل يوم الحادي والعشرين من شهر شعبان عام 1402ه منزلة خاصة في تاريخ المملكة، حيث تولى الملك فهد - رحمه الله- مقاليد الحكم مسترشداً بنهج والده الملك عبدالعزيز في بناء الدولة والمجتمع والسير بهما نحو أعلى المستويات الحضارية. وشهد عهد الملك فهد تحقيق منجزات متميزة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، توجت بتطور كبير في المجتمع انعكس على الارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الحياة مع استتباب الأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب اهتمامه -رحمه الله- بخطط التنمية الشاملة، والتعليم والصحة، وإنشاء البنية الصناعية في المملكة، وتوسعة الحرمين الشريفين، وطباعة المصحف الشريف. ويعجز من يبحر في المنجزات التي تحققت في عهده - رحمه الله- في اختزال ما حققه لوطنه وشعبه من تقدم ونمو مطرد خلال فترة حكمه، وتأسيسه للعديد من الأنظمة والبنى التحتية في البلاد، إلا أن من أبرز ما تميز به عهد الملك فهد بن عبدالعزيز هو صدور النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق في السابع والعشرين من شهر رجب عام 1412ه، وقد صيغت هذه الأنظمة الثلاثة على هدي من الشريعة الإسلامية معبرة عن مبادئ الدولة السعودية وتقاليد مجتمعها وأعرافه، حيث يعد إصدار هذه الأنظمة الثلاثة توثيقاً لمنهج قائم وصياغةً لأمر واقع معمول به وفق مبادئ الشريعة الإسلامية التي قامت عليها الدولة السعودية منذ نشأتها، وهي استمرار للمنهج الواضح الذي نهضت عليه ووصلت من خلاله إلى مركز مرموق في الساحة العربية والإسلامية والدولية، كما أن السياسة الخارجية للمملكة اتسمت في عهده بالفاعلية والواقعية وإيجاد الحلول المناسبة لأهم القضايا العربية والإسلامية. الملك فهد يتابع أعمال التوسعة في المسجد النبوي ويتمثل محور التنمية الأساس في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله في الاهتمام بالمواطن، وهنا نستذكر ما قاله وزيرالعمل السابق "د. غازي القصيبي" - رحمه الله- عن الملك فهد عندما كان نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية: كنت قد رأيت الأمير فهد بن عبدالعزيز في الستينات الميلادية (الثمانينات الهجرية) مرات عدة، إلا أن المقابلات لم تتجاوز السلام العابر، لم يتح لي أن أعرفه معرفة حقيقية إلا أثناء عملي في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، بعد أسابيع قليلة من انتقالي إلى الدمام، زار الأمير فهد المنطقة، فذهبت للسلام عليه، طلب أن يراني على انفراد، وبقيت بعد أن انصرف الحاضرون، بدأ يتحدث بانطلاق وعفوية، وفوجئت خلال الحديث أنه يتحدث عن فلسفة تنموية لا تختلف عن تلك التي كنت أطمح إلى وضعها موضع التنفيذ، قال لي الأمير فهد: "أنا لست من حملة الشهادات العالية، ولست من المثقفين، ولا أعرف النظريات الاقتصادية، ولكني أعرف تماماً ما يريده كل مواطن، يريد بيتاً لائقاً يضمه ويضم أولاده، ويريد عملاً كريماً يرتزق منه، ويريد مدرسة في الحي يرسل إليها أطفاله، ويريد مستوصفاً متكاملاً بقرب بيته، ويريد مستشفى لا تبعد كثيراً عن المستوصف، ويريد سيارة، ويريد خدمة كهربائية منتظمة، ويريد .. "، اتضح لي من خلال الحديث أن الأمير فهد كان - عن غير قصد - يتبنى النظرية التنموية التي عرفت فيما بعد باسم إشباع الحاجات. هذا وكان للملك فهد -رحمه الله- بصمات تنموية واضحة في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها يسجلها التاريخ له بأحرف من ذهب، وقل أن يذكر أي مجال أوقطاع في الدولة إلا ويذكر جهد الملك فهد ودوره في بنائه وتطويره ودعمه. ..ويلتقي الشيخ جابر بعد تحرير الكويت ..ويدشن «المركز التاريخي» في الرياض خلال الاحتفال بمئوية المملكة