شغفي بالإحصائيات لا يتوقف. حاولت أن أعد كم جمسا أشاهده في اليوم الواحد في مدينة تورنتو. في شهر كامل شاهدت سبعة جموس فقط. أكيد ما فيه هيئة ولكن المؤكد أن فيه عائلات. المدهش أن كل جمس من هذه الجموس السبعة يسوقها كندي. ما فيه سواق هندي أو فلبيني أو أندونيسي. الأطفال في الجمس يشبهون سائقهم. جلست مرة في أحد المقاهى وحيدا. قررت أن أتابع قضية الجمس من جذورها. كندا جزء من أمريكا الشمالية وعضو في منظمة النافتا. غياب سيارة أمريكية بهذه الأهمية له دلالته العميقة. أحصيت أنواع السيارات التي تمر أمامي. بوّبت أعدادها وأنواعها. بدأت أحس أن حكاية الجمس مشكلتي وليست مشكلة كندا. سبعة جموس عدد كبير ومتوازن مع عدد السيارات الأخرى. إذا أردت أن تتعرف على كل أشكال وأنواع وموديلات وألوان السيارات تأمل في شارع من شوارع هذه المدينة. نصف السيارات التي شاهدتها لم أشاهدها من قبل. لاحظت أيضا أن هناك سيارات غريبة من مصنعي السيارات الذين نعرفهم. تايوتا نيسان فورد فولفو هونداي الخ. كل سيارة تخطر على بالك ستجدها أمامك. كل مصنع سيارات يقدم كل أنواع سياراته. لا وجود لسيادة طراز معين أو سيطرة شركة محددة. أثارت هذه الظاهرة عندي سؤالا. قررت أن ابحث عن إجابته في مكانين مختلفين. الأول في صالة طعام أحد الأسواق الكبيرة والآخر في إعلانات السفر. في صالات الطعام راقبت هواتف الكنديين المحمولة . اكتشفت نفس ظاهرة السيارات. تشاهد تقريبا كل الجوالات المعروفة وغير المعروفة في العالم. يتفوق الأي فون والبلاك بيري قليلا ولكن يظل التنوع هو الأصل. قلبت جرائد نهاية الأسبوع الأساسية الصادرة في تورنتو. برزت أمامي نفس الظاهرة. إعلانات السفر والسياحة تغطي تقريبا كل مناطق العالم. آسيا، أمريكا، أمريكا الجنوبية، أوروبا، وحتى أفريقيا والشرق الأوسط. تأكد لي أن مشكلة الجمس مشكلة ثقافية في داخلي وليست مشكلة كندا. كان علي أن ابحث عنها في داخلي. عندما جلست في الشارع أراقب السيارات اكتشفت أني أراقب بعيون (مطقم). متعود منذ طفولتي إذا لبس أحدنا أحمر لبسنا كلنا أحمر. يعني طقم في لغة الكورة. إذا اشترى أحد الجيران لاند كروزر بعد سنتين على الأكثر كل الجيران معهم لاند كروزر. إذا وضع أحدهم شينكو على سور بيته بعد أسبوع أو شهر كحد أقصى تصبح الحارة مطوقة بالشينكوات. لكي تتأكد من حكاية التقطيم اانظر إلى هاتفك المحمول. كم واحد من أقاربك وأصدقائك وجيرانك وزملاء العمل يملك نفس الماركة؟ بدأ السفر السياحي الحقيقي في المملكة مع منتصف السبعينيات الميلادية. مع الطفرة الأولى ودخول طائرات الجامبو والترايستار.ما فيه سعودي في ذلك الزمن إلا في لندن أو جاي من لندن أو يتمنى أن يزور لندن. أما الشباب السعودي الطفران والفسقان إذا فقدته فستجده حتما في بانكوك. مع دخول عام الفين من الصعب أن تجد عائلة سعودية قادرة على السفر لم تسافر إلى ماليزيا. في السنوات الخمس الأخيرة ضاق العالم، لم يبق سوى دبي أو بيروت أو القاهرة. قارن بممارسات اجتماعية أخرى ستجد أن التطقيم هو سيد الموقف الاجتماعي السعودي.