الاحتفال بالمناسبات الوطنية الهامة في حياة الشعوب يجب ، بالنسبة لي على الأقل، أن يتجاوز المراسم الاحتفالية والأناشيد الوطنية، ليشكل نظرة شمولية ووقفة عامة عند المناسبة والنظر إلى أبعادها ودلالاتها وكذلك انعكاساتها في حياة الشعوب المحتفلة بتلك المناسبة. والاحتفال باليوم الوطني للمملكة والذي يصادف الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام لا يخرج عن هذه النظرة، بل هو أهم المناسبات وأكثرها مدعاة للوقوف والتأمل في حياة شعب المملكة العربية السعودية، بل والشعوب العربية والإسلامية، ودول العالم قاطبة نظرا لما شكلته مناسبة ذلك اليوم، وهي توحيد المملكة، من منعطف في التاريخ الحديث لأبناء هذا الوطن ولكافة دول العالم في كافة النواحي الفكرية والسياسية والاقتصادية. إن توحيد هذه البلاد على يد المغفور له، بإذن الله، الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه يعتبر واحدا من أهم الانجازات التي تمت في هذا العصر، بل إنني قد لا أتجاوز الحقيقة، إذا قلت ان ذلك الحدث فاق كافة الانجازات التي تمت في هذه البلاد منذ ذلك التاريخ سواء من حيث الحجم أو الأثر، إذ أن كافة الانجازات والأحداث تبقى تابعة ويوم التوحيد هو المتبوع بل هو الأساس لكل الانجازات اللاحقة. لذلك فإنني أدعو أن تكون هذه المناسبة فرصة لنا، نحن أبناء هذا الجيل، أن نثبت أننا قادرون كل عام على إضافة انجازات أخرى مكملة للمنجز الأساس وهو توحيد هذه البلاد وتأسيس الدولة السعودية الحديثة. إنني أدعو أن يتجاوز احتفالنا بهذه المناسبة التأكيد على أهميتها والتغني بها، وهو أمر مهم بلا شك، إلى أن يكون ذلك اليوم وقفة لمراجعة انجازاتنا ومشاريعنا وكافة برامجنا التنموية لنتأكد أننا نضيف كل عام للمنجز الأساس ونقطف ثماره ونقدر من وقف خلفه من الرجال بمواصلة البناء والتشييد. لذلك فإنني أتمنى أن يكون هذا التاريخ من كل عام وقفة للمراجعة والمساءلة نعلن فيه ما أنجز من مشاريع وبرامج مقارنة بما خطط واعتمد لذلك العام ونقدم من خلاله أشبه بما يكون بجردة الحساب لأداء أجهزتنا الحكومية وما حققته خلال ذلك العام، بل وما حققه القطاع الخاص وما أسهم به في دعم اقتصادنا وتنميتنا إجمالا. ان ما يدعم هذه المطالبة هو أهمية المناسبة بالدرجة الأولى وضرورة أن يشعر المواطن بانعكاسها المتواصل عليه، وكذلك كون هذه المناسبة تأتي في آخر العام المالي وقبل أسابيع من إعلان ميزانية العام القادم ومراجعة ميزانية العام الحالي مما يؤكد أهمية أن نجعل هذه المناسبة تتجاوز ملامسة عواطف المواطنين إلى تلمس احتياجاتهم وتحقيقها، وهذا سيؤدي إلى أن يشعر الجميع بأن يوم التوحيد ليس تاريخا يروى أو قصيدة تغنى فقط بل هو مشروع تنموي حضاري يقطف الجميع ثماره كل عام. *وكيل وزارة التجارة والصناعة