تمكنت سنغافورة وماليزيا من وضع حد لنزاع تسبب في تعكير صفو العلاقات بين الدولتين الجارتين طيلة عقود حول أرض يمر عبرها خط سكة حديد ماليزي في الاراضي السنغافورية وذلك بإبرام اتفاق تاريخي يمهد السبيل لمزيد من الدفء في العلاقات بين البلدين. فمنذ طرد سنغافورة من الاتحاد الماليزي وإعلان استقلالها في أغسطس 1965 بات خط السكة الحديد الخاضع لسيطرة ماليزيا والذي يمر وسط سنغافورة شوكة في جنب حكومة الدولة المدنية. ويقضي الاتفاق الذي وقعه الاثنين رئيس الوزراء الماليزي الزائر نجيب رزاق ورئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونج بأن تؤول الارض المار عبرها خط السكة الحديد لسنغافورة في نهاية المطاف. وجاء في بيان مشترك أنه في المقابل منحت سنغافورة ست قطع أراضي لماليزيا "في قلب منطقة المال والاعمال " بالبلاد. وفي هذا الصدد قال لي "لقد كان ذلك مصدر رضا كبير بالنسبة لي ولرئيس الوزراء نجيب حيث واتتنا القدرة على بلوغ هذه المرحلة التي تجعلنا قادرين على التحرك قدما والعمل من أجل التعاون بين ماليزيا وسنغافورة بشأن مجموعة واسعة من المجالات. يذكر أن العلاقات بين سنغافورة وماليزيا ظلت متوترة عقب انفصالهما حيث دب بينهما خلاف بشأن الاسعار التي تبيع بها ماليزيا المياه لسنغافورة. وأدى السجال الكلامي بين رئيس الوزراء السابق لي كوان ييو ورئيس الوزراء الماليزي آنذاك مهاتير محمد إلى زيادة الموقف سوءا. غير أن هذا الوضع أخذ يتبدل إثر تولي نجيب السلطة في أبريل من العام الماضي ودعوته إلى توثيق العلاقات وإبداء تصميمه على إيجاد حل "للقضايا الثنائية الشائكة". ويرى المحللون أن الدفء بدأ يدب في العلاقات بين البلدين بسبب تصميم الزعيمين على حل الخلافات القائمة منذ زمن طويل. وهناك مسألة واحدة فقط لم يتمكن الجانبان من حلها في اتفاق أراضي السكة الحديد وهو عدم قدرتهما على التوصل إلى اتفاق بشأن رسوم التنمية التي تدفعها ماليزيا للحكومة السنغافورية على بعض قطع الاراضي. وترك الجانبان مسألة تسوية هذه القضية الصعبة للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي. لكن الزعيمين أعربا عن ثقتهما في وضع حد للتشاحن الذي دام عقودا من الزمان. وقال لي إنه من وقت لآخر تنشأ أمور خلافية بين الجانبين "لكن هذا ليس معناه أننا لا نستطيع إيجاد حل لها". من جهته قال نجيب "لا يمكن للمرء أن يمنع تعليقات من هنا أو هناك ولا يمكن أن يمنع الناس من التطرق إلى الماضي والنبش فيه مثلما يفعل مهاتير على سبيل المثال حيث لا يزال يدلي بملاحظات لاذاعة في مدونته الشعبية والتي يتناول فيها جميع القضايا التي تتعلق بجارة ماليزيا. وأردف يقول "لكن ما يهم هنا هو أن القيادة الحالية في كلا الدولتين ترغب في التحرك قدما وإقامة علاقات أفضل".