تصادف حلول عيد الفطر المبارك، مع ذكرى أحداث 11 سبتمبر، ومع أن كل العالم الإسلامي دان ورفض تلك الواقعة، واعتبرها إرهاباً بكل ما يعني إطلاق الكلمة، إلا أن قسَّاً مجنوناً حاول حرق نسخ من المصحف الشريف، وجاء رد الفعل من الدول وأصحاب الديانات حاداً، لأن الخلط بين ما هو سياسي ، وديني يهدد المجتمعات كلها، والمسلمون لا يحتاجون إلى استفزاز جديد، وهم يعيشون حالات التشويه والإقصاء للجاليات الإسلامية ومضايقتها، وهم ليسوا الجانب الأضعف عندما تصل المسائل إلى قرآنهم أو مقدساتهم.. الرئيس الفرنسي «ساركوزي» طرد الغجر باعتبار وجودهم غير قانوني وهدد كل من يعتدي على رجل أمن بالترحيل والطرد باستثناء الفرنسيين الأصليين وكأنه يقصد الجاليات العربية والأفريقية وغيرهما، وما يسمى بالأمن القومي أو الوطني استدعى شن الحروب أو الضربات العسكرية واحتلال بلدان أخرى، ولا ندري إذا كان القس الأمريكي، الذي يمنع القانون الأمريكي اعتقاله ، يهدد الأمن القومي الأمريكي أم لا عندما يشعل فتنة ستطال الكنائس والجنسيات الأوروبية، والأمريكية بشكل خاص، وكل ما يفتح معارك الأديان على كل المستويات.. في مصر أسلمت «كاميليا» المسيحية، وطالبت الكنيسة تسليمها لها وتم ذلك من قبل قوات الأمن، لكن النيران اشتعلت على كل الجبهات الدينية والاجتماعية، ولا ندري كيف أن حادثة فردية تعيدنا إلى ثارات القبائل عندما تحاربت من خلال قتل إنسان، أو إهانة آخر، بينما من يدخلون الإسلام الآن من أديان وأتباع أديان هم الظاهرة التي أقلقت الآخرين، ولا نعتقد أن الإسلام سيخسر أو يكسب بخروج فرد عنه، أو إضافة عشرات، لأنه الديانة الكبرى التي لا تهتز بأحداث صغيرة كهذه. المستشارة (ميركل) دانت القس الأمريكي، واستقبلت ناشر «الكاريكاتير» المسيئ لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وكافأته على شجاعته وتمتعه بحريته!! وفي سجن أبو غريب في العراق مُزّق القرآن الكريم ورمي في المراحيض، بينما بوجود مسلمين إرهابيين لم يأت رد الفعل مساوياً للفعل لاعتقاد المسلمين أن أنبياء وأصحاب الديانتين السماويتين يحظون بالاحترام هم ومقدساتهم.. نعم توجد في الديانات فروقات ومذاهب أنشأت خلافات حادة، وقد حسمت في البلدان المتقدمة عندما سنت قوانينها الوضعية، لكنها بقيت على المستوى الديني، فكما أن الإسلام لديه خلافات بين المذاهب والطوائف نجد الكاثوليك لا يلتقون مع البروتستانت أو الكنائس الشرقية، ومع ذلك فالعودة إلى ثارات دينية أمر خطير لا يهدد فئة أو شريحة ما، بل قد يضاعف الإرهابيين، ولا ندري لماذا مَن تكافح هذه الظاهرة، تكرّسها بواسطة قس، أو متطرف آخر؟ وكأن الازدواجية في هذه الحالات مسألة سياسية، لادينية من رأسها إلى أخمصها..