يومان على الأكثر وتبدأ فعاليات عيد الفطر المبارك في جميع أنحاء المملكة.. ولقد تسنى لي كثيرا - بحكم عملي - التجوال في مواقع العيد المختلفة في العاصمة ، وأعد نفسي شاهد عيان على لهفة البحث عن الفرحة والمتعة ، ويشهد معي الزحام الكبير حد الاختناق في كل مكان به احتفال ما .. كل الناس - تقريبا - خرجوا للاستمتاع بما هو متاح فالزحام على أشده في الساحات وفي المراكز المفتوحة والمغلقة وسواء أكان الاحتفال رجاليا أم نسائيا أم عائليا فلابد أن يقودك الزحام الشديد إلى أن الناس في لهفة حقيقية لتمارس فعل الفرح ولو في أيام العيد المعدودات. فلقد أتعبنا جو الرياض الخانق بحرارته المرتفعة ، وكسل هوائه، وتمنع نسيمه ، الأمر الذي وضع سكان المدينة في مسارات رتابة وملل ، انعكست على وجوه الناس طيلة شهر رمضان خاصة المداومين من الموظفين والعمال .. بل وطال حتى وجوه الطلاب والطالبات الذين يفترض أنهم "يتمتعون " بإجازة دراسية طويلة فإذا بهم " يتعبون " بها .. لكن الرياض العنيدة التي أبت إلا أن تلهب أحباءها وقاطنيها وأن تسوق عليهم دلالا حارا قائظا متعبا قررت كما في كل عام أن تفتح ذراعيها وأن تحتضن لهفة الفرح وتستجيب لشوق المتعبين وتقدم لكل صابر جائزة .. والحق يقال إن أمانة المدينة لم تقصر في فتح كل منافذ الاحتفال وفي تجديد الهواء الراكد في كل موقع حتى لم تعد من حجة لدى أي شخص لم يستمتع أو يسعد .. والرياض التي تبدو شحيحة البهجة تفتح في العيد صندوق كرمها المباغت حتى لنفاجأ بكثرة المواقع التي يمكن أن تشتعل مساحاتها بهجة والتي تبلغ أربعين موقعا مختلفا كل موقع يتراوح عدد فعالياته بين الخمس والعشر، وتستهدف كل الأعمار صغارا وكبارا ولا تستثني رجلا أو امرأة.. ولقد لاحظت بكثير من الغبطة تنامي ثقافة الاستمتاع لدى الناس .. وزيادة أعداد المقتنعين بجدوى الترفيه وكونه عاملا محفزا على العطاء بعد ذلك ، فالإجازة والاستمتاع بها ليس ترفا وإنما هو مفصل مهم في دورة الحياة العملية والعلمية فلا يمكن لشخص مهما بلغت صلابته وقوته أن يظل يعمل دون إجازة أو يكد دون ترفيه .. وقد قيل " روّحوا عن أنفسكم ساعة فساعة فإن القلوب تصدأ كما تصدأ المعادن" عيدكم مبارك