حين نبحث عن فرص العمل لدينا فإن القناعة لدي كبيرة أن ليس لدينا بطالة حقيقية، فهناك ما يقارب 9 ملايين مقيم لدينا وهؤلاء يعملون ببلادنا بمختلف الأعمال والمهن وحتى رجال أعمال، وحين ننظر بالاتجاه الآخر نجد بطالة لدينا بين شبابنا وبناتنا تقارب المليون مواطن من الجنسين، وحين تتجه الجهات الحكومية لحل هذا الخلل الوظيفي الواضح الحلول، نجد من يقف بأول الطريق ولا يقبل عمل المرأة، لماذا؟ بذريعة تتكرر كل مرة وهي الخوف من "الاختلاط أو الفساد إلى آخر ما يردد"؟ وحين نبحث عن أين فرص عمل المرأة "الحر" نجدها إما بسوق شعبي أو سوق الحمام والطيور أو تفترش أي رصيف وشارع وأمام من؟ أمام المقيم الأجنبي الذي لديه محل تجاري، فتصبح المواطنة السعودية على الأرض والرصيف والأجنبي المقيم بمحل تجاري مكيف إلى آخره؟! سيقف سؤال مباشر ويأتي لي شخصيا، هل ستقبل أن تعمل ابنتك أو أختك أو أمك؟ وسأقول بوضوح تام سأقبل به برحابة صدر لأنني لا أريدها تنتظر معونة أو زكاة أو تتسول، فلا يحتاج هذا السؤال لرد يستغرق وقتا أو تفكيرا. لماذا نرفض عمل المرأة لدينا بذريعة الخوف والرهاب والفساد الأخلاقي وأنها نذير تفكك مجتمعي وأننا سنخرج عن المسار المحافظ لدينا والعزف على وتر الدين للترهيب والخوف؟ هناك نساء سعوديات الآن يعملن بالبنوك والمستشفيات وبعض الشركات والجهات الحكومية فهل حدثت كارثة؟ وهل سنصبح مجتمعا معزولا ومفصولا بكل شيء ولا نحتاج عمل المرأة؟ هذا يعني أن المرأة تصبح معدمة وفقيرة ومتسولة وذات حاجة للأبد، وليس كل النساء لها عائل أو من ينفق عليها وحتى إن كان لديها فأين حقوقها كإنسانة تعلمت ووصلت لأعلى درجات العلم أين سيصبح كل ذلك؟ هناك الآن نساء يعملن ببيوتهن أعمالا بسيطة من طبخ أو تطريز أو غيرها ويحتجن كل ريال لكي يستطعن العيش، وكنا في زمن سابق قبل ثلاثة عقود وأكثر نجد نساء يعملن كل الأعمال من زرع وحصاد وخبز وبيع وشراء فماذا تغير؟ كثير من رجال الأعمال لدينا معروفون جدا ولو سمح المقام لذكرت أسماءهم كانت أمهاتهم تعمل بزراعة وخبز وتطريز وأعمال بسيطة جدا بالأسواق قبل 50 سنة وصرفت على ابنها اليتيم فهل هذا عيب أو مناف لأي أخلاق ودين؟ رجال أعمال على قيد الحياة يبكون وقت تذكر تلك الأيام، ونحن الآن عام 2010 نرفض عمل المرأة ونصر على فقرها وأن تكون محتاجة ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لولده الحسن يا بني: استعذ بالله من الفقر، فإنه منقصة للدين وداعية للمقت ومدهشة للعقل. يا بني: مارست كل شيء فغلبته، ومارست الفقر فغلبني لأني إن أذعته فضحني وإن كتمته قتلني، فكاد الفقر أن يكون كفرا. فلماذا تحدث هذه الحرب الضروس ضد عمل المرأة الذي سيكفيها حاجة الناس وتحارب جوعها وفقرها؟ نحتاج إلى قرارات تلزم بعمل المرأة وحقوقها الكاملة وأن لا تصبح عالة ورهينة للرجل أو الفقر والعوز. يجب أن نشجع وندعم عمل المرأة المعطلة لدينا، وحين ندرك الأثر السلبي وسبب وجود 9 ملايين مقيم أجنبي علينا أن ندرك أي استنزاف لهذا الوطن يحدث وكم مليار يخرج من بلادنا شهريا أنها تقارب 30 مليار ريال، أليس أولى بها أبناء هذا الوطن من شبابنا وبناتنا، فلماذا نحارب لكي يبقى شبابنا وبناتنا فقراء ومحتاجين والحل بأيدينا ولكن نرفض بذريعة الدين الذي يحارب الفقر؟!