هنيئا لنا بقدوم شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة، إنها لفرصة عظيمة للتركيز على نمط الحياة صحي والعادات الغذائية المتوازنة وذلك لما يتحلى به الصائم من ضبط للنفس، والتدريب الذاتي على الانضباط لتحقيق توازن بين الاحتياجات المادية والروحية ... قال الله تعالى في كتابه العزيز «وإن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون» (البقرة آية 184) وعن النبي محمد صلى الله عليه وسلم «الصوم جنة» أي سلاح لتنظيف الجسم من السموم المتراكمة وخسارة الوزن الزائد الذي غالبا ما يكون مصاحبا للارتفاع في ضغط الدم والكولستيرول والشحوم والسكر. أما بالنسبة للتغيرات الفيزيولوجية فهي تختلف بحسب عدد ساعات الصوم المتواصلة والتي تبدأ عادة بعد حوالي 8 ساعات من تناول آخر وجبة غذائية، أي عند انتهاء عملية امتصاص الأطعمة من القناة الهضمية. في الحالة الطبيعية، يعتبر الجلوكوز المصدر الرئيسي للطاقة، أما في فترة الصوم فيستخدم الجسم الجلوكوز المخزن في الكبد والعضلات بشكل جليكوجين لتوفير الطاقة اللازمة للدماغ والجهاز العصبي خاصة. أما في الساعات المتأخرة من الصوم يلجأ الجسم لاستخدام الدهون كمصدر ثان للطاقة عند اقتراب نفاد مخزون الجلوكوز ، لأن صوم رمضان يمتد من الفجر حتى الغسق فهناك فرصة وافية ليستعيد الجسم ما خسره من مصادر الطاقة. خير ما نبدأ به افطارنا هو بعض من التمر، كما علمنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا لما في التمر من خاصية تسهيل عملية الهضم ومحاربة الفطريات والبكتريا لمنعها من اختراق القناة الهضمية، ثم نتناول كوبين من الماء أو كوبا من العصير أو من اللبن ومن ثم كوب من الحساء . فكلها تزودنا بالنشويات والسكريات والبوتاسيوم والماغنيسيوم والسوائل وتعيد ضبط السكر في الدم. بعد كسر الصيام نتناول وجبة متوازنة تتألف من البروتينات، كالدجاج أواللحم أو السمك، والنشويات المعقدة، كالخبز الأسمر والمعكرونة والبطاطس والأرز الأسمر، وأيضا الخضروات على أنواعها ومنها الملفوف والبروكلي والتنويع في الأطعمة من كل المجموعات الغذائية أمر مهم جدا للحصول على جميع الفيتامينات والمعادن والألياف الذي يحتاجها الجسم . نرجو تفادي الأطعمة المقلية والدسمة والسكريات مثل الحلويات على أنواعها فهي غنية بالسعرات الحرارية وفقيرة بقيمتها الغذائية التي تعيق عملية الهضم وترفع مستوى الانسولين بالدم. كما ويجب الحرص على تناول المأكولات الغنية بالألياف والتي تسمى بطيئة الهضم مثل الفاكهة مع قشورها والفاكهة المجففة كالتين والمشمش والبرقوق، والحبوب الكاملة كالقمح والشوفان والبقوليات كالفاصوليا والعدس والفول . فكلها تساعدنا على تحمل ساعات الصيام الطويلة لانها تبقى في القناة الهضمية لمدة 8 ساعات تقريبا لذا تنصح بتناولها في وجبة السحور . عدم تناول المأكولات الغنية بالصوديوم مثل المخللات، البسكويت المالح والمكسرات المالحة والمعلبات والمأكولات الحارة والبهارات بكثرة وخاصة عند السحور لانها تزيد من الشعور بالعطش خلال النهار. الماء ثم الماء: يجب أن نتناول من 2.5 الى 3 لترات من السوائل في فترة ما بين الفطور والسحور وعدم الافراط في تناول المشروبات والعصائر المحلاة لأنها غنية بالسكر، وكذلك الأمر للشاي والقهوة والكولا، عند السحور، فهي مدرة للبول وتؤدي بالتالي الى خسارة الأملاح المفيدة من الجسم. كما لا تنسى ان الاعتدال في كمية الطعام يساعد على الحفاظ على وزن مثالي أو خسارة بعض الوزن الزائد. نتمنى أن نستمر في هذه العادات الصحية الى ما بعد شهر رمضان لأنها هي الطريق الأمثل لجسم سليم ان شاء الله. * أخصائية تغذية اكلينكية