خلال أسابيعي الأولى مع هادي، قبل أن يستسلم للشياطين التي قتلته، زار الفنان طلال مدّاح البلاد، كان هادي يعرفه، كما كان يعرف كلّ الفنانين العرب المشهورين، والفنّانات. دعاه إلى العشاء في منزلنا مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء. بعد العشاء، مع السحَر، رجا الحاضرين طلال مداح أن يغني، وكان كريماً جداً، أخذ عود هادي، الذي كان مطرباً هاوياً، وبدأ يغني. وأنصت الجميع، مسحورين، ثم جاءت أغنية احتلت قلبي: «كتبت اسمك على صوتي»، رجوت الفنان الكبير أن يتوقف، وعدت بالمسجل، وغنى طلال مداح، وأبدع، سافر، ولكن أغنيته ظلت تصدح في مسجلي، وفي روحي، كنت لا أمل ترديدها، وعندما دخل يعقوب العريان متجر الفندق، لأول مرة، كنت أحاول إخفاء اضطرابي بترديدها بصوت خافت. وسرعان ما التصقت الأغنية بيعقوب العريان، تحولت إلى مقدمة موسيقية في أول اللقاء، وإلى موسيقى تصويرية أثناء اللقاء، وإلى خاتمة موسيقية قبل الوداع، «غني حبيبتي، غني!»، وكنت أغني، وكنت أتجنب المقطع الأخير، بيت القصيد، الرحيل، كنت أخشى أن يسمع القدر هذا المقطع ويأخذ حبيبي إلى زمان الصمت. * من رواية رجل جاء وذهب.