يقدم هذا العام الطبيب هشام عيسى، الذي رافق عبدالحليم حافظ طويلاً في مراقبة حياته الصحية، كتاب مذكرات وضع عنوانه "حليم وأنا" ( دار الشروق -2010). يحتوي الكتاب على 17 فصلاً بالإضافة إلى ملحق صور، وهي نبتدي منين الحكاية، النهاية والبداية، رسالة من تحت الماء، حليم والملك، ساعات الانقلاب، كل رجال الملك، حليم وسعاد، الحب والمرض والغناء، مع محمد عبدالوهاب، عواصف الربيع بين حليم وفريد، مع أم كلثوم صدام حتى النهاية، أحاديث في السياسة، أوراق خاصة، يوم من عمره، حليم في بيروت، حليم والرفاق، وداعاً أيها الزمن الجميل.. يعطي الكتاب معلومات جديدة عن مرض عبدالحليم حافظ المزمن وتفاقمه من بعد وفاة جمال عبدالناصر عام 1970، وقصة الحب المعطلة مع سعاد حسني التي خلدها الشاعر كامل الشناوي في قصيدة "حبيبها، لست وحدك!"، وقصص أخرى ماتت قبل اكتمالها، وينضاف إلى ذلك الملفات التي تكررت مراراً عن عبدالحليم لكن يعيد عيسى روايتها بأسلوب سردي جميل يكشف عن ذوق رهيف بقدر ما يؤكد ثقافة جيل يعبر عنها أفضل ما يكون. وما أقصدها بتلك الملفات هي علاقاته مع مبدعي عصره من شعراء مثل كامل الشناوي ونزار قباني وعبدالرحمن الأبنودي أو ملحنين مثل محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي أو الجيل السابق له مثل محمد عبدالوهاب وأم كلثوم. بالإضافة إلى ملف علاقته بالسياسيين تلك الفترة سواء ضباط الثورة من جمال عبدالناصر مروراً بعبد الحكيم عامر إلى شمس بدران كذلك علاقاته بملك المغرب ومعاصرته لأحداث انقلاب الضباط عام 1971، وعلاقته بعائلات حاكمة من لبنان مثل أسرتي فرنجية والجميل. ولعل أكثر ما يلفت هو حديثه عن بعض الأمور الخاصة بذوق وأناقة عبدالحليم حافظ المفرطة في الألبسة والإكسسوارات التي يحرص على انتقائها من أفخم بوتيكات ومحلات بيروت وباريس. كذلك يشير إلى اختيارات عبدالحليم السينمائية والغنائية لفناني عصره، مثل: فيلم love story 1970 للمخرج آرثر هيلر ومن تمثيل آلي ماكجراو ورايان أونيل، وفيلم funny girl 1968 للمخرج وليام وايلر لمن تمثيل باربرا سترايسند وعمرالشريف، وهو يميل إلى الأفلام الرومانسية والغنائية الاستعراضية بعيداً عن الأفلام الواقعية، ويهوى خصوصاً في التمثيل الكوميدي صديقه عادل إمام، ويقدر كثيراً تمثيل فاتن حمامة. وقد أحب كثيراً عبدالحليم مغنين كبار مثل فرانك سيناترا، وشارل أزنافور، وجاك بريل، وقد طلب من طبيبه في رحلة له أن يحضر أسطوانة لأغنية ne me quite pas "لا تتركيني" التي كان يستمع إليها كثيراً. ورغم أنه معجب بفن محمد عبدالوهاب صوتاً وألحاناً وعلى علاقة ودّ بالمطرب المجايل له ماهر العطار إلا أنه لم يكن يحفظ الود لأم كلثوم التي صارعته كثيراً بالإضافة إلى امتناعه عن العمل مع فريد الأطرش الذي كان يشنع على طريقة توظيف الفلكلور في ألحان معاصرة كالتي قدمها بليغ حمدي لعبدالحليم خاصة "مداح القمر" التي وظف فيها الموشح الحلبي "قدك المياس". ولعله مال إلى موقف عبدالوهاب المتجاهل لمحمد قنديل وغير المكترث بمحمد رشدي ومحرم فؤاد. كما أنه رفض الغناء من شعر سيد حجاب باعتباره شيوعياً وراحت أغنية "الباقي هو الشعب" من ألحان كمال الطويل إلى عفاف راضي كذلك زميله في الملجأ سابقاً الذي صار الشاعر أحمد فؤاد نجم رفض الغناء له أغنية اشتهرت بصوت الشيخ إمام من ألحانه، وذات النص من ألحان كمال الطويل نفسه "دولا مين ودولا مين" غنتها سعاد حسني.