خلال ايام متقاربة تناولت الصحف مجموعة من الاخبار رغم اختلافها من حيث المحتوى الا أنها تؤكد مسيرة التعبئة العقلية ومنظومة التلقين والحفظ والصم والبصم........؟ المسار الأول من الاخبار، يؤكد أن طالبة سعودية تدرس الدكتوراه تنوي رفع قضية على أستاذها (بجامعة )هارفرد والسبب أن أستاذها اتهمها بالغش لأن إجابتها على الورقة جاءت متطابقة مع سطور الكتاب ....؟ الأستاذ الهارفردي لايعلم أن تعليمنا من بداياته يبرمج العقل على مهارات الحفظ والصم وأن العمليات الاخرى من التحليل والربط والاستنتاج لاتعني شيئاً للقائمين على التعليم وحين يأتي الطالب للجامعة يكتشف أن هناك مساحة كبرى في قدراته العقلية أغفل استخدامها قبل دخول الجامعة ......؟الطالبة لم تغش والاستاذ لم يخطئ، معادلة لن نستطيع فهمها الا أن استطاع المختصون تحليل المسار الثاني من الاخبار والذي يؤكد ان سيدة سعودية أمية في جنوب المملكه استطاعت ان تحفظ القرآن الكريم كله، واخرى أمية تغلبت على مجموعة من المتعلمات في سرعة حفظ القرآن الكريم .....,الخبر يحمل صيغة الاحتفالية والمقابل أن بعض كتابنا وكاتباتنا ايضا اشتركوا في الاحتفالية عبر مقال وآخر..........؟؟ المنتج في النهاية لايختلف فالأخوات مارسن عملية الحفظ ولكن يبقى السؤال الأهم، هؤلاء السيدات اللاتي حفظن القرآن الكريم هل استوعبن المعاني، هل طبقن منهج التدبر والتأمل والادراك وهو منهج نصت عليه الآيات القرآنية الكريمة.....؟من يقرأ القرآن الكريم يجد غير آية تؤكد على التدبر وتؤكد على التأمل وتؤكد أن أعمال العقل خاصية ميز بها الله عز وجل الإنسان مع تأكيد صريح على مسؤوليته في عمارة الارض وتلك العمارة لن تأتي إلا بإعمال العقل وليس بالحفظ فقط..... يعود السؤال، هل أخطأت الطالبة السعودية في تذمرها من استاذها ورغبتها في رفع دعوى عليه، أم هي نتاج تعليم برمجنا على الصم والبصم....؟وتلك النسوة الطيبات اللاتي حفظن القرآن الكريم هل تدبرنه ......؟ام حفظنه كمئات الفتيات الصغيرات اللاتي يتخرجن من مدارس تحفيظ القرآن الكريم وقد حفظنه كاملا وبقين خارج دائرة التدبر....,وهنا ايضا أتساءل، هل مدارس تحفيظ القرآن تدرك منهج التدبر أم هي تسير في إطار الصم والبصم....,سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى اثنتي عشرة سنة في حفظ وتدبر وتطبيق سورة البقرة....؟حين ذاك نحر الجزور احتفالاً.....؟ لا أريد ان يعتقد البعض أنني ضد مدارس تحفيظ القرآن أو انني ضد حفظ القرآن الكريم، بل مع ذلك ولكن وفق منظور المنهج الرباني الذي يؤكد على التدبر، أتمنى ان يكون حفظ القرآن الكريم بوعي يصل الى حد الاستيعاب والفهم والإدراك لنكون امة ناضجة، تعمل برؤية إسلامية، ليس في العبادات فقط بل والتعاملات بين البشر.. امة يدرك أبناؤها معنى الاية كمنهج حياة، يتضمن الدنيا والآخرة وليس فقط تلاوة عذبة، تنتهي بنهاية القراءة دون إدراك للمحتوى....حين نتدبر القرآن (ربما ) لا يقع شبابنا ونساؤنا ضحايا الاستغفال والتغرير...