رغم حالة التجهم التي نصنعها كسعوديين خصوصا عند الوقوف في اشارات المرور وعدم تعاملنا مع الآخرين بلمحة ابتسامة ، إلا اننا اكثر الشعوب العربية " خفة دم " من خلال اعمالنا الدرامية ، فالممثل السعودي يصنع المعجزات لكي يكون خفيف دم ، فمثلا مسلسلاتنا السعودية في رمضان القادم اسماؤها تدل من اسمائها على جرعات مركزة من خفة الدم ، " سكتم بكتم "، " مزحة برزحة " وغيرها تركز على خفة الدم !! الاعمال الدرامية السعودية لاتعترف بالحل الوسط ، اما استخفاف "عفوا ..خفة دم" او ضرب وخيانة واغتصاب وقتل وامور اكثر بشاعة ، ورغم المحاولات المستميتة من خفة دم القصبي والسدحان على مر السنين لكي ننافس الشعوب العالمية بخفة الدم ، الا اننا لانبتسم امام الآخرين ، ورغم كل انواع " المصاخة " التي اكرمنا بها حسن عسيري وغيره، إلا انهم لم يستطيعوا ان يغيروا في تركيبتنا الحسية أي ميلان نحو الابتسامة الدائمة . " الابتسامة في وجه اخيك صدقة " حديث نبوي نتجاهل حتى المرور عليه ، الجميع حبس ابتسامته عند اشارات المرور وفي الاماكن العامة ، وبعد ان كان بعضنا ينشغل بانتظار اللون الاخضر انشغل باعطاء العين الحارة لكاميرات نظام المرور الجديد " ساهر" ، لم تستطع الجرعات الكوميدية الواعية التأثير في طريقة تعاملنا مع مفهوم الابتسامة في وجه الآخرين ، رغم حاجتنا للابتسامة الا انها عدو الكثير من المسؤولين والمديرين لانها بنظرهم تقلل من شخصيتهم ، الاباء يعتبرون الابتسامة في وجه الابناء افقاداً للهيبة ، والكثير يعتبر الابتسامة في وجه الزوجة نوعاً من انواع " العيب "!! لو ابتسم احدهم في وجهنا نبادره بصورة مباشرة " تعرفني " كعدم رضا على الابتسامة ، ورغم افتقادنا للتعامل الحقيقي مع الابتسامة إلا انني استغرب وبشدة الكم الهائل من مسلسلات خفة الدم والاستخفاف ، فلا ابالغ ان اؤكد ان 90 % من اعمالنا الدرامية السعودية هي كوميدية ، كوميدية بالالفاظ ، بالشكل ، بالحركات ، بالنصوص الركيكة ، بالافكار الهابطة ، جميعها تركز على محاولة اضحاك المشاهد السعودي لدرجة " القهقة" وليس لمجرد فقط الوصول للابتسامة البسيطة !! بالفعل نحن نحتاج لتفسير بحث الجميع عن خفة الدم رغم انها من المحظورات التي نتعمد ومع سبق الاصرار لعدم الاقتران بها ، دائما شعارنا " خلك ثقيل " وليس " ابتسم" ، فرغم ان اخواننا المصريين اكثر شعوب الارض خفة دم وحبا للابتسامة الا ان اعمالهم الكوميدية لايمكن مقارنة عددها بالأعمال الجادة والواقعية التي يقدمونها سنويا، فلن تجد على سبيل المثال ان جميع الاعمال المصرية لشهر رمضان هدفها الاضحاك وخفة الدم فقط ، اما نحن فجميع اعمالنا تقريبا هي خفة واستخفاف !! وانا هنا اتوقع ان حذرنا من الابتسامة وعدم التعامل معها بما يجب ، سببه اعمالنا الدرامية الكوميدية التي صورت ان الذي يريد ان يكسب ابتسامتنا إما ممثل اهبل او عبيط او مستخف دمه ، فلو توقفنا عن مشاهدة اعمالنا السعودية المضحكة ، اعتقد اننا سنتعامل بواقعية مع الاخت " ابتسامة "،فهل نبدأ حملة الابتسامة ونتجاهل اعمالنا المحلية ونبدأ بها عند اشارات المرور بتوزيع الابتسامات البرئية، اتمنى..!!