ظاهرة برامج المسابقات على الفضائيات أثبتت أنها " تمرض " ولكن لا تموت كحال العقار ، طفرة برامج المسابقات تعودنا عليها منذ البرنامج الشهير " بنك المعلومات" الذي كان يعرض على التلفزيون السعودي قبل سنوات عديدة وجعلت من مقدمه الراحل الخطيب نجما لامعا ، نافس نجوم الرياضة والفن في ذلك الوقت ، في ظل احتكار القناة الأولى آنذاك لأعين وآذان المشاهدين . بعد ذلك وبسنوات وتحديدا قبل أكثر من عشر سنوات تقريبا برز أهم وأشهر برنامج مسابقات عربي يتم إطلاقه ويحظى بشعبية جارفة على مستوى الوطن العربي من المحيط للخليج ، وهو برنامج " من يربح المليون" وحقق نجمه المذيع جورج قرداحي نجومية من وجهة نظري لم يصل لها أي إعلامي عربي حتى وقتنا الحاضر ، وهو يستحقها بالفعل لأن أسلوبه هو الذي انجح البرنامج وليس العكس ، رغم شهرة البرنامج عالميا ، وكأمر طبيعي لم يستمر وهج البرنامج كما كان، وابتعاد قرداحي عنه وانتقاله لقناة ال LBC لم يخدمه كما خدمته ال MBC وبرنامج " المليون" فضاع قرداحي مابين الانتقال والعودة للمجد الذي حققه ، حتى انه من وجهة نظري الخاصة عاد متأخرا ولم يحقق برنامجه رغم انه أصبح " مليونين " النجاح السابق وهذا الأمر من الوجهة الإعلامية طبيعي ، لأن المشاهد بطبيعته ملول ويبحث عن الجديد والحديث . ولكن ال MBC كمجموعة رائدة تلفزيونيا وبكل أمانة أحدثت ثورة في كيفية منافسة الفضائيات الأخرى لها ، من خلال موضة برامج المسابقات في ذلك الوقت ، لجذب المشاهدين العرب لها واقتسام الكعكة التنافسية ، وحقيقة لم ينجح احد وبكل صراحة ، وهذا التقليد يذكرني أيضا بما قامت به ال MBC مع المسلسلات التركية وتقليد الآخرين لها !! ما دعاني للعودة للحديث عن برامج المسابقات هو ما أشاهده وبإعجاب لافت وكبير لتجربة الزميل الأخ ابراهيم بادي مع برامج المسابقات وتحديدا نجوميته ببرنامج " المفاوض" عبر قناة دبي الفضائية ، فقد فاجأني ابراهيم بإطلالة إعلامية مختلفة تماما لشخصيته التي اعرفها عنه كناقد فني محترف وروائي مرهف ، فقد وجدته بالمفاوض ناجحا بشكل لافت واستطاع ان يدير البرنامج بإثارة انعكست تداعياتها على المشاهد ، مما اوجد لدينا برنامجاً رائعاً مليئاً بالمتعة والمعلومة والبعد عن الروتين والرتابة التي أصبحت عليها الكثير من برامج المسابقات التلفزيونية ، ففي المفاوض نجد ابراهيم " ينشف حلق المتسابق " بذكاء تفاوضي بالسمات الشخصية وليس فقط بالاعتماد على نوعية الأسئلة وحلولها التي تحرج المتسابق ، فهنا الإثارة على التفاصيل التفاوضية مابين مقدم البرنامج والمتسابق وباحترافية ، وهذا الأمر بطبيعة الحال يجعل من المقدم في عين المتسابق منافساً أو أحياناً عدواً له ، لأنه ببساطة بتفاوضه الذكي يفقد المتسابق أحلامه بالآلاف من الدراهم حتى لو كانت معلوماته وثقافته الشخصية عالية جدا ، وبصراحة أنني عندما أتابع البرنامج أجد الكثير من المشاهدين وللحظات كبيرة ضد ابراهيم بادي ومع المتسابق وهذا من وجهة نظري نجاح للبرنامج ولمقدمه بشكل خاص ، مما يعطينا مرحلة جديدة لشعبية برامج المسابقات وبأسلوب متجدد وبعيدا عن الرتابة والملل التي أصبحت الكثير من البرامج تتسم بها ، وخصوصا برنامج من سيربح المليون ، والذي أصابه الهرم ولم يعد توهجه كما كان في السابق !! وفي النهاية أتمنى ان نجد برنامج مسابقات عربي من ابتكار عربي وليس برامج تشترى نسخها من شركات عالمية وتقدم بالعربي مع الالتزام بالتفاصيل الكاملة لهذه البرامج ، لان التقليد لا يبقى ناجحا باستمرار !! - رمز الرسائل : 365