يعد مدير المدرسة هو القائد التربوي المناط به إدارة دفة العملية التربوية والتعليمية في المدرسة، والسعي إلى النهوض بهذه العملية إلى أعلى مراتبها وأسمى غايتها؛ لتحقق المدرسة أهدافها النبيلة وغايتها السامية في تنشئة جيل صالح من أبناء الوطن، مؤمن بربه، معز لدينه، محب لوطنه، ومطيع لولاة أمره، ومتصف بالأخلاق الإسلامية الفاضلة. ومن خلال تجربتي في ميدان التربية والتعليم وجدت ان لمدير المدرسة دورًا أساسًا وأثرًا بارزًا وقدرة مؤثرة للتغيير الايجابي، وإحداث نقلة نوعية متميزة في أداء المدرسة لواجباتها، متى ما توافر لذلك المدير من مقومات نجاح العمل الإداري، ومنح الصلاحيات المناسبة والنافذة والفاعلة، التي تدعمه في أثناء إنجاز أعماله الإدارية والفنية والإنسانية داخل مدرسته، حيث يعاني مديرو المدارس - بصفة عامة - قصوراً واضحاً في منح الصلاحيات لهم، التي تناسب وما يقومون به من أعمال ومهام، إضافة إلى ضعف تفعيل الصلاحيات التي قدمت في حال احتاج المدير إليها، والأمثلة على ذلك كثيرة، وأقربها عملية الحسم على المعلم المتغيب من دون عذر، أو كثير التأخر، التي تأخذ من الجهد والوقت والمتابعة والتعقيد أكثر مما تستحق، ما أضاف ذلك الإجراء ومتابعة تنفيذه مشقة وجهداً يمكن صرفه في أمور تربوية أهم وأجدى نفعاً وأعم فائدة. إذاً لدى المدرسة القدرة على ممارسة الإبداع الإداري، والتطوير إلى الأفضل، والتغيير إلى الأحسن، متى ما توافرت لديها بعض المقومات والمعطيات، ومنح بعض الصلاحيات، ومنها على السبيل المثال: - منح مدير المدرسة الثقة الكاملة في إدارته المدرسة، ومنحه صلاحيات أوسع وأشمل في محاسبة المقصر ومكافأة المجتهد. - البعد عن الإجراءات المعقدة وطويلة الأمد، التي قد تهدف إلى اضعاف ما يمنح للمدير من صلاحيات. - تكريم مدير المدرسة على ما يقوم به من جهود مادياً ومعنوياً والحرص على تحويل مسمى وظيفته من معلم إلى مدير مدرسة. - إبراز التجارب الإدارية المتميزة لمديري المدارس المبدعين، وتعميمها ليستفيد منها الجميع، وعدم تهميشها أو تركها في الظل. - توفير سكرتير، أو مدير مكتب لمدير المدرسة؛ لتيسير أمور إدارته ومكاتباته، وتفرغه للتخطيط والتنظيم والتنفيذ والتقويم والتوجيه. - منح مدير المدرسة أمر اختيار الكادر الإداري العامل معه، وهو أمر معمول به على نطاق ضيق. وبعد منح مدير المدرسة مثل تلك الإمكانات والصلاحيات وتفعيلها بالشكل الذي يتناسب وأهمية دور مدير المدرسة يأتي هنا دور المحاسبة والشفافية، وقياس مستوى الأداء، وما حققته المدرسة من مخرجات وإنجازات ومكتسبات، يجب ان تناسب وما قدم لإدارة المدرسة من دعم ومساندة. واستشهد هنا بزيارة قمنا بها لإحدى المدارس العالمية الأهلية بالرياض، ضمن وفد من طلاب الدراسات العليا بقسم الإدارة التربوية في كلية التربية بجامعة الملك سعود، التي شهدنا خلالها تجربة تعليمية ثرية وخبرة تربوية قيمة، ركزت خلالها في سر هذا التميز والإبداع، وبعد بحث عن مكامنه وجدته وبنسبة كبيرة في مدير المدرسة القائد التربوي المتميز، الذي امسك بزمام الأمور التعليمية والتربوية في المدرسة، بحيث نشر ثقافة الشفافية في العمل الإداري والمحاسبية العادلة بطريقة تعزيز الايجابيات، وتلافي السلبيات، ومكافأة المجد، ومحاسبة المقصر، في جو من الجد والحرص والحزم، مقروناً بعلاقات إنسانية ملؤها الألفة والمحبة والود، سعياً إلى تحقيق هدف تربوي وتعليمي مشترك، يسهم به الجميع وفق رؤية واضحة، ورسالة جلية، وتخطيط استراتيجي مكتمل العناصر، وواضح المعالم، تعقبه عملية تقويم مستمرة لمراحل العمل وخطواته، ومن ثم التغذية الراجعة؛ ليتم الحصول على مخرجات تعليمية مميزة، وأداء لعمل تربوي وتعليمي متقن، بصدق كم تمنيت ان أشاهد مثل تلك التجربة التعليمية المميزة في مدارس التعليم العام لدينا. ختاماً.. أشيد هنا بمكتب التربية والتعليم بغرب الرياض؛ لتكريمه ثمانية عشر مديراً متميزاً على مستوى المكتب في عام دراسي واحد، وهي بادرة جميلة تستحق الإشادة والثناء، وهذا أقل ما يقدم لمدير المدرسة الذي يبذل من جهده ووقته وتفكيره في سبيل الوصول إلى عملية تربوية وتعليمية هادفة ومنتجة.