تصدرت ورقة المملكة العربية السعودية الأوراق المقدمة في الملتقى الأول لريادة الأعمال المنعقد في بيروت مؤخرا والتي قدمتها الدكتورة ليلك الصفدي، رئيسة قسم تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود، عن واقع ريادة الأعمال النسائية بالمملكة العربية السعودية وأكدت فيها أن المرأة السعودية قادرة على الاستثمار الفعال بدليل حجم الاستثمارات التي تمتلكها خارج المملكة والمقدرة ب 93% من الحجم الكلي لاستثماراتها داخل وخارج المملكة. وصنفت الورقة التأثير المجتمعي كأحد أهم معوقات ريادة الأعمال النسائية في السعودية ومن ثم التشريعات والإجراءات. وكانت المنظمة العربية للتنمية الإدارية المنبثقة عن جامعة الدول العربية وبالتعاون مع لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (أسكوا) قد نظمت الملتقى الأول لريادة الأعمال بعنوان "ريادة الأعمال النسائية" في الفترة 25-27 ابريل 2010 في مقر الأممالمتحدةبيروت لمناقشة مشاركة رائدات الأعمال العربيات والممارسات الريادية لهن والاستراتيجيات المتبعة من قبلهن في إدارة مؤسساتهن. كما ناقش الملتقى التحديات التي تواجه رائدة الأعمال ومستقبل ريادة الأعمال النسائية في الوطن العربي. وناقشت ورقة عمل الدكتورة الصفدي واقع المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة وذكرت أن نسبتها تبلغ 90% من مجمل المنشآت وهذا يتماشى مع نسب المقارنة العالمية وأن أوجه دعم هذه المنشآت في المملكة يتزايد وبشكل لافت إلا أن الفائدة المرجوة منها مقارنة بالمميزات المعطاة غير ملموسة حتى الآن سواء كان من نسبة نموها أو مساهمتها في الناتج المحلي. كما ذكرت الدكتورة الصفدي ان ريادة الأعمال ترتكز على خمسة محاور أساسية يمكن إجمالها في التالي: ثقافة المبادرة، التدريب والتمكين، التمويل المالي، البيانات والمعلومات، والإجراءات والتشريعات" وأضافت "شهدت السعودية في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تهدف كليا أو جزئيا إلى دعم ريادة الأعمال إلا أن التنسيق فيما بينها حاليا ضعيفا، مما يؤكد على أهمية وجود هيئة وطنية مستقلة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة تقوم بتعزيز ريادة الأعمال كمنسق لهذه الجهود على المستوى الوطني" كما ذكرت "أن أوجه دعم ريادة الأعمال في المملكة العربية السعودية تتلخص في التمويل المالي، والتدريب والتأهيل الإداري، والتي تعد شريان الاقتصاد الحر إلا أن ثقافة ريادة الأعمال السعودية ما زالت في مراحلها الأولية وانتشارها يفتقر إلى إستراتيجية واضحة ومحددة للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة من ذلك، كما أنه توجد معوقات أساسية يجب التغلب عليها مثل عدم وفرة البيانات والمعلومات، بالإضافة إلى عدم تفعيل التشريعات و الإجراءات الداعمة لريادة الأعمال وتطويرها بشكل مستمر" وقالت "احتلت قضية تفعيل مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية موقعا بارزا على سلم أولويات الاستراتيجيات والخطط التنموية الوطنية وتوجد هناك بعض القرارات التي تدعم ريادة الأعمال النسائية في السعودية وتمكينها اقتصاديا، إلا أنها مازالت محدودة وغير مفعلة، ووجود المرأة السعودية كرائدة أعمال ما يزال محدودا جدا " مؤكدة على أهمية إعادة النظر في هذه الإجراءات و التشريعات حيث أن ترتيب المرأة السعودية في تقرير التنمية البشرية في العالم يضعها في المركز قبل الأخير في مؤشر تمكين المرأة الاقتصادي وذلك بالرغم من الحوافز المتوفرة للمرأة السعودية والتي لا تتمتع بها العديد من نساء الوطن العربي والعالمي من ميزانية و فرص تعليم وفئة عمرية وقدرة مالية وبيئة اقتصادية مستقرة كما أكدت على ضرورة خروج المرأة السعودية من ثقافة المواطن المدلل و إلقاء المسؤولية على كاهل الدولة في تأمين الوظائف والدخل والمعيشة، إلى ثقافة الشراكة في تأمين الدخل والوظائف في المجتمع. وخرجت الورقة التي تم اعدادها من قبل الدكتورة ليلك الصفدي والأستاذة رنا أبو نفيسة بمجموعة من النتائج والتوصيات ومن أهمها ما نصه "مع وجود طاقة نسائية سعودية مؤهلة لكنها معطلة عن المساهمة في التنمية الوطنية، تبرز الحاجة إلى إيجاد ارتباط أقوى بين التوجهات الدراسية للطالبات واحتياجات التنمية الاقتصادية، وضرورة إعادة النظر في التشريعات والنظم والعمليات والإجراءات و تفعيل الصادر منها لتمكين المرأة اقتصاديا بشكل تكاملي لا تنافسي مع الرجل وضمن الضوابط الشرعية". وتوصية أخرى تنص على " حاجة المجتمع السعودي لرائدات الأعمال أكثر من حاجة المرأة لأن تكون رائدة أعمال، فالظروف الاقتصادية والاجتماعية للمرأة السعودية تستوجب تحفيز ريادة الأعمال النسائية ونشر ثقافة الاعتماد على النفس، وهنا تظهر ضرورة التعامل مع المرأة السعودية كشخصية اعتبارية مستقلة وإشراكها في مرحلة التخطيط لوضع القرارات المتعلقة بدورها في مسيرة الاقتصاد الوطني، وكذلك ضرورة فتح كافة المجالات الاستثمارية لها وتمكينها من القيام بالإدارة المباشرة لأعمالها، وتذليل معوقات العمل في القطاع الخاص أمامها بما يتناسب مع ضوابط الشريعة الإسلامية كأحد أهم أوجه التمكين الاقتصادي" وانتقدت احدى التوصيات غياب المرأة السعودية وتغييبها عن الساحة الاقتصادية الاستثمارية، وأن فتح مجالات الاستثمار وإعطائها فرص مساوية للرجل لا تكفي لاستنهاضها ، لذا جاءت ضرورة نشر الوعي بالريادة النسائية وتنمية روح المبادرة عند المرأة والجهات الرسمية والمجتمع، وضرورة نشر الوعي في التفريق بين الشرع والعادات والتقاليد، وضرورة وجود جمعية خاصة تعنى بتعزيز ريادة الأعمال النسائية وتمكين رائدات الأعمال على المستوى الوطني و التنسيق للتكتلات النسائية الاقتصادية - بحسب نص التوصية - . كما انتقدت التوصيات " افتقار مناهجنا التعليمية والتربية إلى الفكر الريادي لذا فانه من الضروري إعادة النظر في مناهجنا وتعزيز الفكر الريادي والقيادي منذ الطفولة وإدخال الرياضة والقيادة و العمل الجماعي والمغامرة وتحمل المسؤولية والالتزام بأخلاقيات العمل وزرع الثقة بالنفس ومهارات الإبداع والابتكار ضمن مناهجنا التعليمية والتربوية".