دائماً غياب الزوج عن البيت ينتج عنه مشاكل عديدة، إلا أن مكوثه أيضاً في البيت أكبر وقت من شأنه أن يستفز مشاعر الزوجة للحد الذي يجعلها تكره اليوم الذي تزوجت فيه من هذا الرجل البيتوتي، حيث أنه لا يكف عن إبداء الملاحظات عن كل كبيرة وصغيرة، بمجرد دخوله إلى البيت، بدءاً من انتقادات للنظافة والطبخ، إلى تصرفات الأطفال، والأمر والنهي في كل شيء لمجرد أنه موجود فقط. ويبدأ برنامجه الروتيني "البيتي" بعد عودته من العمل من تناول للطعام، ومشاهدة للتليفزيون، أو قراءة للجريدة، وتناول القهوة، ومتابعة أدق تفاصيل تحركات الزوجة والأبناء، ثم التوجه لغرفة النوم، وهكذا يعيش أغلب الأيام. "الرياض" استمعت لشكوى عدد من الزوجات حول معاناتهن مع "حشرية" الزوج البيتوتي، وتدخله في شؤون الأعمال المنزلية مع إهماله للجانب العاطفي لهن، ولأبنائهن، أما الأسباب وراء بيتوتية الزوج، وكيف هي الطريقة الأمثل للاستفادة منها، سنتطرق لها مع الأخصائية الاجتماعية في نهاية التحقيق. زوجات سئمن من تصرفاته ووصلت المعاناة إلى حد «الزعل»! زوج قلق في البداية تقول "حنان الهرفي" منذ بداية زواجي، ومعاناتي مستمرة مع طباع زوجي المختلفة إلى حد كبير عن الأزواج الآخرين، إذ يفضل الجلوس طوال اليوم في البيت بعد انتهاء فترة عمله، ولا يخرج إلا للصلاة، أو في حالة مرض الأبناء، حتى أنه إذا قبض مرتبه ذهب واشترى كل مستلزمات العائلة، في حين يؤجل أي طلب جديد إلى موعد الراتب الآخر، ليس بسبب قلة المال، بل أنه يكره الخروج من المنزل يومياً، مضيفة: لا أبالغ إذ قلت بأنه في إحدى اللحظات أشعر وكأن الدنيا قد ضاقت بي، حيث يعمد إلى الجلوس في مكانه بالصالة، وكأنه مدير لا يكف عن التدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البيت، وطريقة معاملة الأبناء، والطريقة الأفضل في مسح الأرض، وكنس السجاد، وغسيل الملابس، وإذا لم يجد جديدا فإنه يتجه للنصح والإرشاد طوال الوقت، وإذا انتهى من كل هذا بدأ في الانتقاد، وتوجيه الأوامر، وربما ينتهي اليوم ببعض التوتر الحاد بيني وبينه، لذا أرى أنه من الأفضل أن يخرج الزوج من البيت لساعات قليلة، حتى يتسنى للزوجة بأن تدير شؤون مملكتها بكل حرية وراحة، أو لتمارس إحدى هواياتها، أو تتابع برامجها المفضلة، أو لإعطائها الفرصة لشحذ طاقتها من جديد لاستقباله، حيث تعيد اهتمامها بنفسها، بالإضافة إلى أن خروجه يقلل من بعض الانتقادات التي تكون بالعادة موجهة لها طوال اليوم، وبالتالي يقلل من التوتر، والمشاحنات التي تحصل، بل ويجعلها أكثر اشتياقا للحديث والجلوس معه. { حنان:«أبيه يطلع»..مليت { هدى:هو أفضل من «الزوج الهايت»! الشعور بالملل وقالت "منال محمد" فوجئت في الأيام الأولى من الزواج أن زوجي "بيتوتي" إلى أقصى حد، ففي البداية فسرت سلوكه بأنه ربما يعود إلى عدم تمتعه بصداقات أو أنه يعاني من مشكلة ما، فبادرت بطلب أن نخرج من المنزل للتنزه غير أنه رفض الفكرة بحجة أنه متعب، وتكرر الرفض في كل مرة ليشمل حتى فترة الإجازات التي يقضيها في النوم طوال النهار، مما يجعلني أشعر بالملل حتى بعد استيقاظه، حيث يلجأ إلى الكمبيوتر ويتصفح المواقع الكترونية لساعات طوال. وتشير "منيرة مرزوق" إلى أنها ترفض أن يستغل الزوج فترة جلوسه في البيت، للتعليق على أعمال الزوجة أو توجيه الانتقادات والأوامر لها، دون مراعاة لمشاعرها أو لفترات راحتها. أزواج يمكثون ساعات طويلة على الانترنت داخل المنزل مواقف محرجة وتضيف "سامية محمود" أن مكوث الرجل في البيت بعد انتهاء فترة عمله، لا يؤثر على حرمانها من الخروج من البيت أو السفر، بل لأن وجوده في حد ذاته يضايقها إلى حد الشعور بالاختناق، لأنه يراقب كل حركاتي وتصرفاتي، ولا يكف عن إبداء الملاحظات، بمجرد دخوله إلى البيت، ويبدأ انتقاداته عن نظافة المطبخ وتصرفات الأطفال، والرد على هاتفي الجوال، ولماذا هذا الولد يبكي؟، ولماذا صوت "الغسالة" مرتفع؟، ولماذا أنت بالمطبخ؟، أما أكثر المواقف المحرجة التي يضعني بها هي بقاؤه بالبيت أثناء وجود إحدى القريبات أو الجارات، فيستمر في مناداتي بصوت مرتفع، ويطلب بعض الطلبات الموجودة بالقرب منه، وللتخلص من وجوده بالبيت وإخراجه "بالقوة" كنت أدعو أخي أن يطلب من زوجي مرافقته إلى المقهى، أو إلى إحدى الاستراحات، أو الأسواق، أو أي حُجة، المهم أن يختفي من أمامي لبعض الوقت. وجهة نظر أخرى وفي هذا الصدد، تؤكد "هدى عبدالله" أن البيت يحتاج إلى رجل يتابع أحواله، ويرعى شؤونه، لكن أرفض أن يظل طوال النهار حبيس الجدران، لأن البعض يهوى التدخل في أعمال المنزل، ويتعدى أحياناً على صلاحيات الزوجة، فيسبب لها الضيق إلى جانب فقدان جانب التشويق، والإثارة المطلوب لإنعاش الحياة الزوجية، وهناك بعض النساء أن لم يكن الأغلبية يكرهن هذه النوع من الرجال، لأنه لا يعطى مجالا أو حرية للمرأة لإدارة شؤون بيتها، والبعض منهن تجد أن الحل الوحيد لها هو زواج زوجها من زوجه أخرى، لتجد يوم راحة خالياً من "الحشرية" التي يجيدها ذلك الزوج، فجلوس الزوجان وقتا طويلا تحت سقف واحد؛ يتيح المجال لنشوب خلافات بدرجة أكبر، مما لو قضى الرجل جزءًا من وقته في عمل مفيد أو عند أصحابه أو أقاربه، حيث سيزيد الاشتياق لدى الطرفين، وينعش الحياة الزوجية. وأضافت: إنه من حق الزوجة أن تقول للزوج البيتوتي "من فضلك اخرج من البيت"، وعلى النقيض نجد أن هناك كثيراً منهم يقضون جزءًا كبيراً من حياتهم خارج المنزل، وتظل الزوجة في حالة انتظار دائم، وهذا ينعكس على حالتها النفسية، وتدور الشكوك بمخيلتها أنه ربما هناك شيء ينفره من الجلوس معها طويلاً، مقارنه بأزواج صديقاتها أو قريباتها. سجينة مع وقف التنفيذ! من جانبها تقول "هدى علاوي" الأخصائية الاجتماعية: أن هناك عددا من الأسباب التي تقف وراء بقاء الزوج في البيت لفترة طويلة، من بينها تقاعده عن العمل، حيث يتغير كلياً نمط الحياة الذي كانت تعيشه؛ لأنها تجد نفسها مجبرة على التعود على ما وصفته بالحضور المكثف للزوج، وتحديداً في حالة التقاعد وتقدم السن، حيث تتغير طباع الرجل، ويصبح شخصا آخر يريد ملء الفراغ نتيجة فقدان العمل، فيصبح أكثر انتباها للتفاصيل، ويراقب كل شيء في البيت، كما قد تصدر عنه ردود فعل عدوانية لأنه يريد استعادة سلطته، أما السبب الثاني فيتعلق بمرض الزوج واضطراره إلى التزام البيت مدة طويلة، مما يسبب للزوجة ضغطاً نفسياً، فبقدر ما تقوم بكل ما في وسعها لرعايته يبدي انزعاجه من كل شيء، نظراً إلى شعوره بالعجز، والسبب الأخير يعود إلى تعوده قبل الزواج على هذا النمط من العيش بعزلة، حيث لا يميل إلى الخروج مع أصدقائه، ولا يوجد لديه بعض الأنشطة، والأعمال خارج المنزل. وأضافت "علاوي" أن المرأة عموماً تشعر أنها "سجينة مع وقف التنفيذ" لأن وجود الزوج في البيت سواءً بعد انتهاء دوام عمله، أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو لأي سبب آخر، يفرض عليها أن تبقى إلى جانبه لخدمته، مما يحرمها من حريتها في زيارة الجيران، أو الأقارب، أو الخروج للتسوق، أو حتى لمجرد الرغبة في البقاء بمفردها في البيت، متخلصة من عبء طلباته التي لا تنتهي، وفي الوقت ذاته على الزوجة أن تستفيد من وجود زوجها في البيت، مثل: إيجاد فرصة للحوار، والتواصل، والتخطيط المشترك، والتقرب من الأبناء ومن مشاكلهم، بدلاً من الرفض، والنفور من بيتوتيته.