(1) حينما يصبح المتنبي ضميراً وبشَّار فعلٌ مضارعْ سأعبر وحدي المواجع أغني لعينيك أنشودةً كانتظارِ المطرْ وأزرعُ ما بين أذْني وكتْفيْ جهازًا يبلِّغني أن حربَ البَسوس انتهتْ وأن المدينةَ حبلى بحزنِ الشوارعْ..! (2) لا فكَّ إلا يشتهي لحمي.. ولا أنثى سوى أمّي تهدهدُ.. ما يقالُ عن الفصامِ وعن تعاويذ الطفولةْ..! حتى صديقي الموت مرَّ الآن ما ألقى تحاياه الملولة..! حتى غواية جارتي البكر التي كذبت على أمي فقالت إنها امرأة خجولةْ حتى أنا والحرب.. أو حتى غبار جرائدي الأولى جميع مذيعي الأخبار والصور المهولةْ..! كلٌّ مضى.. حين استدنتُ وثيقة الإعياء.. كنتُ رهنتُ من جسدي ومن بلدي.. ومن جَلَدي حكايات عجولةْ..! كلّ مضى.. الآنَ ما عادت تليق بوجهك الرمليِّ لو قبَّلتَ حتى جبهةِ السيّابِ.. أدوارُ البطولةْ..! (3) على قلقٍ ليستِ الريحُ تحتي وليست عليْ..! كأنِّي فمُ الريحِ حين استقامتْ يدي للكتابةِ جئتُ أنقِّطُ سطرَ الصباحْ..! أراوغ ظلّي أمد يدي في فراغات بعضي وأكتب عن وطنٍ حملته النبوءات وهْناً فأرخى عجيزته واستراح لها ثم باء بوزري تكفَّل بي واستعاذ بصوتي وكمّم أغنيتي في شفاة الرياحْ..! على أول السطرِ مات أبي وهو يبكي وفي وسط السطرِ أمي ترجُّ حليب الحكايا وبسملة النص جدي ينازل بالسيف ظل النخيل وينسج أزمنة لا تباح..!!