حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان أمس من انتشار أزمة مالية ما لم يتم إيقاف أزمة ديون منطقة اليورو عند اليونان بينما أقبل المستثمرون على شراء الدولار والذهب كملاذين آمنين. وأغلق عمال القطاعين العام والخاص في اليونان مطارات ومزارات سياحية وخدمات عامة في إضراب عام احتجاجا على إجراءات تقشف صارمة وافقت عليها الحكومة مقابل خطة إنقاذ بقيمة 110 مليارات دولار (146.5 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي يوم الأحد. وقالت ميركل في كلمة أمام البرلمان إن مصير أوروبا على المحك في أخطر أزمة في تاريخ العملة الموحدة البالغ 11 عاما، وأن دولا أخرى في منطقة اليورو قد تعاني نفس مصير اليونان إذا لم تنجح جهود الإنقاذ الدولية. وأدى القلق من اتساع أزمة ديون منطقة اليورو إلى هبوط الأسهم في أنحاء العالم، كما سجل اليورو مستوى منخفضا جديدا في عام. ولليوم الثاني على التوالي هبطت الأسهم في اسبانيا والبرتغال. وقالت ميركل - التي يرى كثير من المحللين أن تباطؤها بشأن مساعدة اليونان أدى إلى تفاقم الأزمة - أمام البرلمان إن نجاح خطة المساعدة سيقرر "مستقبل أوروبا.. ومعه مستقبل ألمانيا في أوروبا". وتابعت قائلة "نحن في مفترق طرق" وذلك خلال مناقشة بشأن إقرار مساهمة برلين البالغة 22 مليار يورو في قروض طارئة لأثينا بالرغم من المعارضة الشعبية في ألمانيا. وأقر المدير العام لصندوق النقد الدولي بخطر انتشار أزمة الديون من اليونان إلى دول أوروبية أخرى لكنه قال إنه لا يرى تهديدا حقيقيا للدول الكبيرة في منطقة اليورو مثل فرنساوألمانيا. وأبلغ ستراوس أن هناك دائما مخاطر من انتقال العدوى. وأضاف "ورد ذكر البرتغال لكنها بدأت بالفعل اتخاذ إجراءات والدول الأخرى في وضع قوي بكثير.. لكن يتعين علينا أن نظل حذرين". وانتقد ستراوس كان الدول الخمس عشرة الأخرى في منطقة اليورو لفرض فائدة خمسة بالمئة على قروضها لليونان وهو ما جرى بشكل رئيسي بسبب إصرار ألمانيا. وأدت عمليات بيع واسعة لأصول في منطقة اليورو إلى خسائر بالمليارات في أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية أمس الأول مع انخفاض الأسهم الأوروبية القيادية ثلاثة بالمئة إلى أدنى مستوى في شهرين. وانتقل الاضطراب إلى الأسهم الآسيوية أمس إثر هبوط حاد في الأسهم الأمريكية الليلة قبل الماضية. وهبط اليورو إلى أدنى مستوى في عام عند 1.2936 دولار وخسرت أسهم بانكو سانتاندر وبنك بي.بي.في.ايه الاسبانيين اللذين ينظر إليهما غالبا على أنهما يمثلان اقتصاد اسبانيا 2.1 بالمئة و2.8 بالمئة على التوالي في أوائل التعاملات أمس بينما ارتفعت تكلفة تأمين ديون اسبانيا والبرتغال من خطر العجز عن السداد. وقال مفوض الشؤون النقدية بالاتحاد الأوروبي أولي رين في محاولة لتهدئة الأسواق إن اسبانيا لا تحتاج إلى آلية مساعدة على غرار الآلية المزمع استخدامها لليونان وإنه لن يقترح آلية مماثلة. وقال إن مستويات العجز في جميع الدول الأوروبية "مرتفعة بشكل مثير للقلق". وقال رين "من أجل تأمين التعافي الاقتصادي.. الذي لا يزال متواضعا وهشا إلى حد ما.. من الضروري بالتأكيد احتواء (الأزمة) في اليونان حتى لا تتحول إلى (أزمة أكبر) وتهدد الاستقرار المالي للاتحاد الأوروبي واقتصاده بأكمله". وبالرغم من النفي الرسمي فإن كثيرا من الخبراء الاقتصاديين مقتنعون بأن اليونان ستضطر إلى إعادة هيكلة ديونها مما سيحمل مستثمري القطاع الخاص جزءا من العبء. واضطر رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو لنفي شائعة ترددت في السوق أمس الأول بأن بلاده ستطلب قريبا مساعدات بقيمة 280 مليار يورو، وقال نائبه إن الحكومة واثقة أن بإمكانها خفض العجز بحلول 2013. ويمثل القلق من عدم تمكن الحكومة الاشتراكية في اليونان من تطبيق جميع إجراءات تقليص العجز التي اتفقت عليها مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بسبب الاضطرابات الاجتماعية المحتملة أحد العوامل المثيرة للاضطراب في منطقة اليورو. ويترقب محللون مظاهرات حاشدة اليوم في أثينا بحثا عن مؤشرات على درجة تعبئة اتحادات العمال القوية في اليونان. وظلت المظاهرات حتى الآن مقتصرة على عشرات الآلاف لكن الغضب يتصاعد مع إظهار استطلاعات للرأي أن عامة اليونانيين يعتقدون أنهم يدفعون ثمن الأزمة بينما يمر التهرب الضريبي والفساد دون عقاب.