من شقة صغيرة بشارع الخزان وبفريق محدود من التجار قبل خمسين سنة بدأت الغرفة التجارية تتلمس طريقها في طريق وعر يتعلق بدور محوري قدر لها أن تؤديه في خدمة الاقتصاد السعودي بما يحتويه من علاقات متشابكة، ومصالح اقتصادية، وتعاملات ورؤى تجارية مختلفة. ومنذ اللحظات الأولى في مسيرة الغرفة كان سمو أمير منطقة الرياض حاضراً، يتابع عن كثب ولادة تلك المنشأة الاقتصادية الحضارية، ويعقد الاجتماعات، ويناقش مراحل نموها وتطورها، ويتدخل بين فترة وأخرى ليساند، ويشجع ويوجه، ويدعم، لايمانه العميق بالدور الكبير الذي تضطلع به الغرفة في مسيرة التنمية الاقتصادية بالبلاد. ولاشك أن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض تسجل بكل الوفاء والاعتزاز عطاءات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ودعمه اللامحدود وتشجيعه الدائم لها منذ تأسيسها حتى اليوم، وهي عطاءات تتواءم وجهود الدولة - حفظها الله - تجاه دعم النمو الاقتصادي في المملكة بتوجيهات سديدة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني. ونحن رجال الأعمال نساهم بجهدنا المتواضع في خدمة الوطن ندين بالفضل سموه ونكن له كل مشاعر الاعتزاز والولاء ونقدر لسموه عطاءه ودعمه واحتضانه لكافة مؤسسات الوطن ومنشآته، كما أن قطاع الأعمال ككل يدين لسموه بكل ما حققه من تطور ووصل إليه من مكانة في دوائر الاقتصاد ليس في المملكة فحسب، ولكن على مستوى دول المنطقة، وبما يتناسب ويتواكب مع مكانة اقتصادنا الوطني الذي يعد الأكبر في المنطقة. إن جهود سموه في دعم وتشجيع الغرفة التجارية انعكست ايجاباً وتحفيزاً على جميع المحاور الاقتصادية المرتبطة بأعمال الغرفة، فرأينا جهوداً حثيثة وفعلية بنقل وتوطين التقنية الحديثة، ولاحظنا كيف أن ذلك يتم مقترناً بصورة دائمة بالسعي إلى ملاءمة هذه التقنية للظروف البيئية، القيم والموروثات الاجتماعية، والمفاهيم الإسلامية التي يعايشها المجتمع السعودي، وهو ما جعل الملامح الحضارية التي أبرزتها التنمية السعودية ذات سمة متميزة وخصوصية فريدة يشهد لها الجميع. كما رأينا اهتمام سمو أمير الرياض بعقول الوطن، وسعيه الأصيل لتشجيع الكوادر العاملة في مجال التقنية والالكترونيات، ومن ذلك تخصيص سموه لجائزة صارت معروفة للكافة باسم: (جائزة الأمير سلمان لشباب الأعمال)، وهي تأكيد متواتر على اهتمام سموه، وتأكيده على دعم هذا القطاع من كل الجهات، وتحفيزه على بث روح المنافسة بين شباب وشابات أعمال الوطن من أجل أخذ زمام المبادرة في قطاع الأعمال والسير بها إلى نجاحات حققها رجال الأعمال السعوديون الذين سبقوهم، وكانوا خير سفراء لبلادهم والسعي للنجاح بخطى ثابتة. كما عبر سموه في أكثر من مناسبة على أن خريجي الكليات التقنية اضافة مهمة لسوق العمل، وحث سموه الكريم المسؤولين عن قطاع التقنية إلى الاهتمام بهؤلاء الطلبة في الكليات المختلفة. ونحن في شركة الالكترونيات المتقدمة نؤمن تماماً بأن توصيات سموه تصب في مصلحة العمل والاقتصاد السعودي ككل، ولذا تعاهدنا منذ أن بدأنا العمل على العناية بتلك الكوادر السعودية النشطة، بهدف نقل التقنية وتوطينها وايجاد فرص عمل للكوادر الوطنية وتوسيع القاعدة الصناعية، وتنويع مصادر الدخل وغيرها من الأهداف التي تصب في مصلحة وطننا الغالي. وإلى جانب عمل الشركة الأساسي في تصميم وتصنيع وفحص وإصلاح الأجهزة والمعدات الالكترونية وأنظمة الاتصالات في المجالات المدنية والعسكرية وبأعلى مستويات الجودة العالمية وبكفاءات فنية مؤهلة غالبيتهم من الكوادر الوطنية، فإننا ركزنا أيضاً في أهمية البحوث وتصميم وتطوير المنتجات والأنظمة، حيث انشأنا مركزاً خاصاً بذلك يعمل به العديد من الكفاءات الفنية والهندسية التي تقوم بتصميم وتطوير أجهزة وأنظمة الكترونية مختلفة تلبي حاجة العملاء، كما أن لدينا مركزاً مختصاً بالفحص والإصلاح للأنظمة والأجهزة الالكترونية وهو مجهز بأحدث التقنيات والبرامج والمعدات اللازمة، ويعمل به ايضاً العديد من الكوادر المؤهلة فنياً، ويقومون بعمليات الصيانة لكثير من الأنظمة الالكترونية بمستوى عالي ووقت قياسي. وطوال مشوار الشركة حققنا عدة نجاحات يعود الفضل فيها بعد الله إلى دعم الدولة - حفظها الله - وتشجيعها من خلال سمو أمير منطقة الرياض، وتعاون الغرفة التجارية الصناعية وما تقدمه من خدمات للشركات الوطنية، واستطعنا بذلك الحصول على العديد من شهادات الجودة العالمية وأهمها جائزة الملك عبدالعزيز للجودة وأعلى درجات التقييم من عدد من الشركات العالمية الرائدة. ولاشك أن الدولة رعاها الله بما تقدمه من خدمات للشركات العاملة في مجال الالكترونيات تدرك أن نمو وتعزيز الصناعة الالكترونية يعمل حقيقة على تعزيز الاقتصاد الوطني، ويقلل من الاعتماد على المصادر الأجنبية، ويؤدي إلى تدوير الأموال داخل الاقتصاد المحلي، والحد من استنزاف الموارد المالية في استيراد التقنية والمنتجات الالكترونية العالية التكلفة، كما يوفر تكاليف تشغيلها وصيانها، مما يحسن من ميزان المدفوعات، ويرفع الناتج الوطني الاجمالي، اضافة بطبيعة الحال إلى توطين التقنية المتقدمة وتطوير تقنيات مناسبة للظروف المحلية سواء كانت بيئية أو ثقافية أو اجتماعية، فضلاً عن أن الصناعة الالكترونية المتطورة باتت الخيار الاستراتيجي الاقتصادي الأمثل للمملكة، وهو خيار تمليه الاعتبارات الأمنية والدفاعية، ويفرضه واقع الاقتصاد العالمي الجديد. وعوداً على بدء أريد أن أوضح أن الغرفة التجارية بالرياض تعمل منذ تأسيسها في 10/4/1381ه بكل همة من أجل الارتقاء بمستويات خدماتها لمشتركيها كافة من رجال وسيدات الأعمال، تحمل همومهم وتتبني قضاياهم وتعمل على بلورتها وايضاحها للجهات الحكومية المختصة بهدف حفز صانع القرار على تذليل المشكلات التي تواجههم وإصدار الأنظمة والقوانين التي تسهم في تحسين وتطوير البيئة الاقتصادية والاستثمارية لتعزيز دور القطاع الخاص في جهود التنمية الاقتصادية ورفد الاقتصاد الوطني. ومما يحمد للغرفة التجارية انها استثمرت التطور التقني لربط قطاع الأعمال بالمعلومة داخلياً وخارجياً عبر البوابة الالكترونية للغرفة على الانترنت، بل واستثمرت هذا التطور لخدمة المشتركين. كما ساهمت الغرفة في توفير الكفاءات الوطنية وتأهيل الكوادر التي تلبي حاجة السوق المحلية من خلال برامج ودورات تدريبية، كما اتجهت ومنذ زمن مبكر للاسهام بقوة في برامج خدمة المجتمع، وبادرت بتأسيس الفرع النسائي استشعاراً منها لتنامي دور سيدات الأعمال في النشاط الاقتصادي. بقي أن أقول إن رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وتشريفه لحفل احتفال الغرفة بمرور خمسين عاماً على إنشائها، هو نوع من الاعتراف بالفضل لما بذله سموه من جهود إزاء تأسيس الغرفة نفسها، وهو ما أعطى الغرفة دفعة قوية لجهودها وأنشطتها، ومكنها من تقديم خدماتها للقطاع الخاص وتمثيله على النحو الفاعل، حتى تلك اللحظة الراهنة. وحتى لا نظلم أحداً بفعل الذاكرة المشوبة، دعونا نحيي كوكبة الرجال المخلصين من أبناء الوطن، وأبناء الغرفة الذين ساهموا في تأسيس الغرفة عبر تلك السنوات الطوال، وعبر مجالس ادارات متعاقبة، وأمناء عامين وموظفين كانت أشبه بسلسلة متصلة الحلقات، ساهم كل منهم بدوره حتى تراكم العطاء وصار بهذا الحجم الذي يعرفه ويشاهده الجميع.. تحية لهم من هنا وحتى ألف عام قادمة بإذن الله. * الرئيس التنفيذي لشركة الالكترونيات المتقدمة